کیف استطاعت کلیر حجّاج ان تتناول قضیتین بکل هذه الحیادیّه؟جاءت الروایه متزامنه مع شکوکی الداخلیّه، مع شتاتی ومحاول البحث عن هویّه وذات دون تبعیّه مذهبیه او عقیدیه حتّی. ماذا سیحدث ان اجتمعت عقیدتان ببعضهما؟ ماذا سینتج بعد هذا الاجتماع... هذا ما حکته الروایه بوصفها البلیغ، منذ ضیاع سالم وابتعاده عن شجرته ، الی تلک اللحظه التی نمی فیها الجیل الثالث (مارک وصوفی).برتقال اسماعیل ، الجنون السردی الذی یستحوذ علی حواسک الخمس بل الست . تبدا الحکایه بسالم الذی یشعر بالمراره لان والده لم یسمح له بقطف ثمار البرتقال الناضجه ، کان ما یزال صغیراً علی هذا العمل الشاق ، ولم یکن لتسمح له الحیاه بنیل ما یریده بسنواته السبع . یمر الوقت سریعاً لیستیقظ ذات صباح علی صوت المدافع وهی تضرب یافا بعد جلاء الانجلیز . فالمستوطنات الفلسطینیه بدات معاولها بفرش الاسنان علی التراب الذی صار ولیمهً للکل ، لیکون التهجیر وهجر البیوت هو النجاه من الموت ، فحادثه مثل دیر یاسین لا یمکن ان تُنسی . یذهب سالم مع عایلته التی هاجرت الی مدینه الناصره ، ویمضی الوقت سریعاً کذلک . لیصطدم سالم ذات صباح برغبه الاسماعیلی - والده - ببیع کل الاملاک للحکومه الاسراییلیه، فیرفض التخلی عن وطنه لکنه یُجبر علی الانصیاع ، فالفقر الذی یسلمک الی العجز لا یمکن له ان یسیطر اکثر من ذلک . یعود سالم من یافا التی لم تعد یافا ، لیفاجا برحیل الام واخیه الصغیر رافان ، ویدفعه الضعف الرازح علی کتفیه للهروب مره اخری الی لندن ، لیرافق اخاه الاکبر حسان مشوار اثبات الوجودیه . تستقبله لندن بضبابها وفرصها الکثیره ، یعمل لیلاً نهاراً ویصعد السلالم الی الجامعه ، وفی سنته الاخیره یقع فی هاویه الحب ، جود الراهبه الیهودیه کما یصفنها ، حفله صاخبه تنتهی باصطحابها الی المنزل ، وتبدا القلوب بالنبض الجارف . یصطدم الحب بالعایلتین الیهودیه والعربیه ، لکن رساله من الام الهاربه بعد کل هذا الوقت تنقل الحکایه الی بیروت ، لم تعد الام التی هربت من الفقر والحاجه امه ، ولم یعد اخاه الصغیر اخاً له بعد الان . فیصطر الی الهرب مره اخری ولکن هذه المره الی ذراعی جود لان ذراعیّ امه لم تعد بذاک الدفء ، ویعود الصراع ، جود التی تصدت لغضب الاهل ، وسالم الذی واجه رفض العرب ، کان کل منهما یعلم انهما سیبنیان بیتا ، کل طوبه منه وسام شجاعه . یتزوجان رغم انف الجمیع وتنتقل الحکایه الی الکویت بعد ولاده الجیل الثالث ، صوفی ومارک ، التوامان اللذان سیقضیا العمر وهما تایهان بین العبریه والعربیه والانجلیزیه ، تتوالی الاحداث لیظهر رافان کحبل یشد علی عنق سالم ، فالدم الذی یسری فی عروق الاهل لا یمکن الهروب منه . یتوه سالم مره اخری بین القضیه والعایله والبیت الذی بناه بمساعده جود ، یکتشف تلاعب رافان بالسیاسه والموت ، فیقرر ان یطرد اخاه الصغیر لکن بعد فوات الاوان ، تهجر جود سالم التایه وتعود برفقه التوامین الی الوطن الذی عرفاه ، یزورهم سالم بین الفینه والاخری وهو یحاول ان یتشبث بالعایله والقضیه ، لکن منذ متی کان ذو البالین قادراً علی تحقیق اهدافه . تمضی الحکایه بوتیره اسرع ، لم یعد سالم یجد مغزیً لحیاته بعد سنواته الخمسه والاربعین ، فیقرر العوده الی البدایه ، الی البیت المهجور فی یافا ، الی القضیه التی کانت هاجساً لحیاته ویطارده مثل الاشباح فی الازقه المظلمه ، یحاول سالم کحال العرب - دایماً ان یعید کل شیء کما کان ، فیجد ان اطفال الحرب قد کبروا وصاروا یحاربون بعضهم علی اشیاء لا یتذکرونها . یکتشف بعد کل هذا الوقت ان کل ما بحث عنه طوال حیاته قد ضاع فی النهایه ، وفی المشهد الاخیر امام البحر یعود لذراعیّ جود لکن بعد ان اصبح الشیب جزءاً کبیراً من ملامحه . هذه الروایه لیست ادعاءً وردیاً بان " کل معضله ستُحل ان احب احدنا الآخر " ، بل هی الاثبات علی ان الحب من الممکن ان یبقی صامداً الی الابد . این یکون الوطن ؟ هل هو ما بنیناه بایدینا ام هو ما ورثناه عن عایلاتنا ؟! ربما هنا فی برتقال اسماعیل سوف تتضح الاجابه .
كيف استطاعت كلير حجّاج أن تتناول قضيتين بكل هذه الحياديّة؟جاءت الرواية متزامنة مع شكوكي الداخليّة، مع شتاتي ومحاول البحث عن هويّة وذات دون تبعيّة مذهبية أو عقيدية حتّى. ماذا سيحدث ان اجتمعت عقيدتان ببعضهما؟ ماذا سينتج بعد هذا الاجتماع... هذا ما حكته الرواية بوصفها البليغ، منذ ضياع سالم وابتعاده عن شجرته ، إلى تلك اللحظة التي نمى فيها الجيل الثالث (مارك وصوفي).برتقال إسماعيل ، الجنون السردي الذي يستحوذ على حواسك الخمس بل الست . تبدأ الحكاية بسالم الذي يشعر بالمرارة لان والده لم يسمح له بقطف ثمار البرتقال الناضجة ، كان ما يزال صغيراً على هذا العمل الشاق ، ولم يكن لتسمح له الحياة بنيل ما يريده بسنواته السبع . يمر الوقت سريعاً ليستيقظ ذات صباح على صوت المدافع وهي تضرب يافا بعد جلاء الانجليز . فالمستوطنات الفلسطينية بدأت معاولها بفرش الاسنان على التراب الذي صار وليمةً للكل ، ليكون التهجير وهجر البيوت هو النجاة من الموت ، فحادثة مثل دير ياسين لا يمكن أن تُنسى . يذهب سالم مع عائلته التي هاجرت الى مدينة الناصرة ، ويمضي الوقت سريعاً كذلك . ليصطدم سالم ذات صباح برغبة الاسماعيلي - والده - ببيع كل الأملاك للحكومة الاسرائيلية، فيرفض التخلي عن وطنه لكنه يُجبر على الانصياع ، فالفقر الذي يسلمك الى العجز لا يمكن له أن يسيطر أكثر من ذلك . يعود سالم من يافا التي لم تعد يافا ، ليفاجأ برحيل الأم وأخيه الصغير رافان ، ويدفعه الضعف الرازح على كتفيه للهروب مرة أخرى الى لندن ، ليرافق أخاه الاكبر حسان مشوار اثبات الوجودية . تستقبله لندن بضبابها وفرصها الكثيرة ، يعمل ليلاً نهاراً ويصعد السلالم الى الجامعة ، وفي سنته الأخيرة يقع في هاوية الحب ، جود الراهبة اليهودية كما يصفنها ، حفلة صاخبة تنتهي باصطحابها الى المنزل ، وتبدأ القلوب بالنبض الجارف . يصطدم الحب بالعائلتين اليهودية والعربية ، لكن رسالة من الام الهاربة بعد كل هذا الوقت تنقل الحكاية الى بيروت ، لم تعد الام التي هربت من الفقر والحاجة أمه ، ولم يعد أخاه الصغير أخاً له بعد الان . فيصطر الى الهرب مرة أخرى ولكن هذه المرة الى ذراعي جود لان ذراعيّ امه لم تعد بذاك الدفء ، ويعود الصراع ، جود التي تصدت لغضب الأهل ، وسالم الذي واجه رفض العرب ، كان كل منهما يعلم أنهما سيبنيان بيتا ، كل طوبة منه وسام شجاعة . يتزوجان رغم أنف الجميع وتنتقل الحكاية الى الكويت بعد ولادة الجيل الثالث ، صوفي ومارك ، التوأمان اللذان سيقضيا العمر وهما تائهان بين العبرية والعربية والانجليزية ، تتوالى الأحداث ليظهر رافان كحبل يشد على عنق سالم ، فالدم الذي يسري في عروق الأهل لا يمكن الهروب منه . يتوه سالم مرة اخرى بين القضية والعائلة والبيت الذي بناه بمساعدة جود ، يكتشف تلاعب رافان بالسياسة والموت ، فيقرر أن يطرد أخاه الصغير لكن بعد فوات الأوان ، تهجر جود سالم التائه وتعود برفقة التوأمين الى الوطن الذي عرفاه ، يزورهم سالم بين الفينة والاخرى وهو يحاول أن يتشبث بالعائلة والقضية ، لكن منذ متى كان ذو البالين قادراً على تحقيق اهدافه . تمضي الحكاية بوتيرة أسرع ، لم يعد سالم يجد مغزىً لحياته بعد سنواته الخمسة والأربعين ، فيقرر العودة الى البداية ، الى البيت المهجور في يافا ، الى القضية التي كانت هاجساً لحياته ويطارده مثل الأشباح في الأزقة المظلمة ، يحاول سالم كحال العرب - دائماً أن يعيد كل شيء كما كان ، فيجد أن أطفال الحرب قد كبروا وصاروا يحاربون بعضهم على أشياء لا يتذكرونها . يكتشف بعد كل هذا الوقت أن كل ما بحث عنه طوال حياته قد ضاع في النهاية ، وفي المشهد الأخير امام البحر يعود لذراعيّ جود لكن بعد أن أصبح الشيب جزءاً كبيراً من ملامحه . هذه الرواية ليست ادعاءً وردياً بأن " كل معضلة ستُحل إن أحب أحدنا الآخر " ، بل هي الإثبات على أن الحب من الممكن أن يبقى صامداً إلى الأبد . أين يكون الوطن ؟ هل هو ما بنيناه بأيدينا أم هو ما ورثناه عن عائلاتنا ؟! ربما هنا في برتقال إسماعيل سوف تتضح الإجابة .