الحمد لله والصلاه والسلام علی رسول الله ، اما بعد ،،،فمن حین لآخر تُثار الخلافات فی مدی الیقین والثقه بنسبه الاحادیث الصحیحه لرسول الله ، وعلی الاخص ما ورد بالصحیحین للامامین الجلیلین البُخاری ومُسلم. فیری فریق ان هناک العدید من الاحادیث الوارده فی الصحیحین لا یُمکن قبولها بای حال من الاحوال ، لما تتضمنه مما یناقض ما ورد بکتاب الله ، او مقاصد التشریع ، او العقل ، لکن یُلاحظ ان الکثیر من اقوال هذا الفریق تاتی علی سبیل الغمز واللمز ، والطعن فی الصحیحین ، والتشکیک فیهما وقد تاتی فی بعض الاحوال وللاسف الشدید علی سبیل السُخریه والاستهزاء. اما الفریق الآخر فیرفض رفضًا باتًا وقطعیًا نقد ای من الاحادیث الوارده فی الصحیحین ، وقد یصل الامر بهذا الفریق الی التشکیک فی ایمان واسلام من یتعرض بالنقد لای من تلک الاحادیث ، ویری فی ذلک سبیلاً لهدم الدین ذاته.ویتحیر عامه الناس فی هذا الامر ما بین الفریقین. فالفریق الاول یتهم الثانی بتغییب العقل الذی میز الله به الانسان وکرمه علی سایر المخلوقات. والفریق الثانی یتهم الاول بالعمل علی التشکیک فی ثوابت الدین واصوله.واحسب ان الفریقین یغفلا ـ او یتغافلا ـ الوقوف علی بعض الامور الهامه فی مجال هذا البحث ، منها علی سبیل المثال : معنی مُصطلح الحدیث الصحیح وتحقیق ما یعنیه هذا المُصطلح فی علم الحدیث. کیف تلقت الامه تلک الاحادیث بدایهً من عهد صحابه رسول الله ، مرورًا بالتابعین ، ومن تبعهم من عُلماء الامه وایمتها ؟ هل کان غرض الایمه الذین قاموا بجمع الاحادیث الصحیحه ان نومن بها علی سبیل الیقین الجازم ؟ ام ان هناک معاییر اخری یجب ان توزن بها تلک الاحادیث ؟ والباحث المُنصف فی کتب الحدیث یجد جانبًا منها ابعد ما یکون عن حقایق الدین ومقاصده ، بل عن وقایع تاریخیه ثابته ایضًا ، وذلک علی الرغم من انها وردت فی کتب الصحاح ، ولا یُعد ذلک طعنًا فی کتب الصحاح. فلم یکن غرض ایمه الحدیث فی جمع الاحادیث الصحیحه هو ان نومن ایمانًا جازمًا بنسبتها لرسول الله ، وانما تقریر شروط معینه ومنهج مُحدد للوقوف علی مدی صحه سند الحدیث ـ سلسله الرواه ـ دون النظر لما ورد بمتن الحدیث ـ نص ما قاله رسول الله ـ حیث ان قبول متن الحدیث له شروط ومناهج اخری ، وهو ما یخرج عن غرض الایمه من جمع الاحادیث الصحیحه.ومن اوضح الادله علی ذلک هو روایه الحدیث الصحیح وما یُخالفه ، بما یستحیل الجمع بینهما فی نفس الکتاب الجامع للاحادیث الصحیحه ـ وهو ما سنعرضه تفصیلاً فی هذا البحث ـ مثال ذلک : روایه الامام مُسلم فی صحیحه لحدیث یذکر فیه الراوی ان اول ما نزل من القرآن الکریم علی رسول الله سوره المُدثر ، ثم یُورد حدیثًا تالیًا له فی نفس الباب یذکر فیه راوی آخر ان اول ما نزل من القرآن سوره اقرا ، ولا یجد الامام حرجًا فی ذلک ، حیث ان منهجه فی جمع الاحادیث الصحیحه یقتصر علی تصحیح السند فقط ، دون امعان النظر فی مدی قبول متن الحدیث. وقد استغل بعض المُستشرقین ومن سار علی دربهم تلک الاحادیث فی الطعن علی السنه النبویه الشریـفـه ، حـتی وصـل الامر لتناول الصحف والقنوات الفضاییه لهذا الموضوع وعرضه علی عامه الناس. وبدلًا من ان یتصدی عُلماونا لتلک الطعون ببیان منهج الایمه فی جمع الاحادیث الصحیحه ، وما یوخذ من تلک الاحادیث وما یُرد ، اذا بالکثیر منهم یتمسکون بها ، ویدافعون عنها دفاعًا مستمیتًا لیوهموا الناس بتقدیسها ، وهو ما یجعل عامه الناس فی حیره من امرهم. واتمنی ان یکون فی بحثی لهذا الموضوع حسمًا لهذا الجدال العقیم الذی یثور بین حین وآخر ، ویستنفد الکثیر من الوقت والجهد دون فایده تُرجی من وراءه ، اللهم الا اظهار دین الاسلام علی غیر حقیقته ، بما یفتح المجال لاعداء الدین للنیل منه والتشکیک فیه. ویهدف هذا البحث الی ایضاح بعض الحقایق بشان کتب الاحادیث ، والتی غابت عن عامه الناس ، وتعمد الغالب الاعم من العُلماء المُعاصرین عدم بیانها ، وعدم الجهر بتلک الحقایق الامر الذی وصل لتقدیس تلک الکتب ، ورفض ای نقد لما ورد بها من احادیث ، بل والطعن والتشکیک فی ایمان ودین من یتصدی لتلک الاحادیث بالفکر والنظر فی مدی موافقتها لاصول الدین الحنیف. وذلک علی خلاف ما هو معروف ومشهور بین العُلماء من نقدهم لتلک الاحادیث وعدم التحرج من ذلک ، مهما بلغت درجه صحه الحدیث ، ودون النظر للکتب التی ورد فیها الحدیث حتی وان اوردهما الشیخان الجلیلان البُخاری ومُسلم. واحسب انی لم آتِ بجدید فی هذا الامر غیر اجلاء ما خفی واحیاء ما اندثر من فکر ونظر وبحث وتامل للصحابه والعُلماء والفُقهاء فی الاحادیث النبویه الشریفه.والله من وراء القصد وهو یهدی السبیل
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، أما بعد ،،،فمن حين لآخر تُثار الخلافات فى مدى اليقين والثقة بنسبة الأحاديث الصحيحة لرسول الله ، وعلى الأخص ما ورد بالصحيحين للإمامين الجليلين البُخارى ومُسلم. فيرى فريق أن هناك العديد من الأحاديث الواردة فى الصحيحين لا يُمكن قبولها بأى حال من الأحوال ، لما تتضمنه مما يناقض ما ورد بكتاب الله ، أو مقاصد التشريع ، أو العقل ، لكن يُلاحظ أن الكثير من أقوال هذا الفريق تأتى على سبيل الغمز واللمز ، والطعن فى الصحيحين ، والتشكيك فيهما وقد تأتى فى بعض الأحوال وللأسف الشديد على سبيل السُخرية والاستهزاء. أما الفريق الآخر فيرفض رفضًا باتًا وقطعيًا نقد أى من الأحاديث الواردة فى الصحيحين ، وقد يصل الأمر بهذا الفريق إلى التشكيك فى إيمان وإسلام من يتعرض بالنقد لأى من تلك الأحاديث ، ويرى فى ذلك سبيلاً لهدم الدين ذاته.ويتحير عامة الناس فى هذا الأمر ما بين الفريقين. فالفريق الأول يتهم الثانى بتغييب العقل الذى ميز الله به الإنسان وكرمه على سائر المخلوقات. والفريق الثانى يتهم الأول بالعمل على التشكيك فى ثوابت الدين وأصوله.وأحسب أن الفريقين يغفلا ـ أو يتغافلا ـ الوقوف على بعض الأمور الهامة فى مجال هذا البحث ، منها على سبيل المثال : معنى مُصطلح الحديث الصحيح وتحقيق ما يعنيه هذا المُصطلح فى علم الحديث. كيف تلقت الأمة تلك الأحاديث بدايةً من عهد صحابة رسول الله ، مرورًا بالتابعين ، ومن تبعهم من عُلماء الأمة وأئمتها ؟ هل كان غرض الأئمة الذين قاموا بجمع الأحاديث الصحيحة أن نؤمن بها على سبيل اليقين الجازم ؟ أم أن هناك معايير أخرى يجب أن توزن بها تلك الأحاديث ؟ والباحث المُنصف فى كتب الحديث يجد جانبًا منها أبعد ما يكون عن حقائق الدين ومقاصده ، بل عن وقائع تاريخية ثابتة أيضًا ، وذلك على الرغم من أنها وردت فى كتب الصحاح ، ولا يُعد ذلك طعنًا فى كتب الصحاح. فلم يكن غرض أئمة الحديث فى جمع الأحاديث الصحيحة هو أن نؤمن إيمانًا جازمًا بنسبتها لرسول الله ، وإنما تقرير شروط معينة ومنهج مُحدد للوقوف على مدى صحة سند الحديث ـ سلسلة الرواة ـ دون النظر لما ورد بمتن الحديث ـ نص ما قاله رسول الله ـ حيث أن قبول متن الحديث له شروط ومناهج أخرى ، وهو ما يخرج عن غرض الأئمة من جمع الأحاديث الصحيحة.ومن أوضح الأدلة على ذلك هو رواية الحديث الصحيح وما يُخالفه ، بما يستحيل الجمع بينهما فى نفس الكتاب الجامع للأحاديث الصحيحة ـ وهو ما سنعرضه تفصيلاً فى هذا البحث ـ مثال ذلك : رواية الإمام مُسلم فى صحيحه لحديث يذكر فيه الراوى أن أول ما نزل من القرآن الكريم على رسول الله سورة المُدثر ، ثم يُورد حديثًا تاليًا له فى نفس الباب يذكر فيه راوى آخر أن أول ما نزل من القرآن سورة إقرأ ، ولا يجد الإمام حرجًا فى ذلك ، حيث أن منهجه فى جمع الأحاديث الصحيحة يقتصر على تصحيح السند فقط ، دون إمعان النظر فى مدى قبول متن الحديث. وقد استغل بعض المُستشرقين ومن سار على دربهم تلك الأحاديث فى الطعن على السنة النبوية الشريـفـة ، حـتى وصـل الأمر لتناول الصحف والقنوات الفضائية لهذا الموضوع وعرضه على عامة الناس. وبدلًا من أن يتصدى عُلماؤنا لتلك الطعون ببيان منهج الأئمة فى جمع الأحاديث الصحيحة ، وما يؤخذ من تلك الأحاديث وما يُرد ، إذا بالكثير منهم يتمسكون بها ، ويدافعون عنها دفاعًا مستميتًا ليوهموا الناس بتقديسها ، وهو ما يجعل عامة الناس فى حيرة من أمرهم. وأتمنى أن يكون فى بحثى لهذا الموضوع حسمًا لهذا الجدال العقيم الذى يثور بين حين وآخر ، ويستنفد الكثير من الوقت والجهد دون فائدة تُرجى من وراءه ، اللهم إلا إظهار دين الإسلام على غير حقيقته ، بما يفتح المجال لأعداء الدين للنيل منه والتشكيك فيه. ويهدف هذا البحث إلى إيضاح بعض الحقائق بشأن كتب الأحاديث ، والتى غابت عن عامة الناس ، وتعمد الغالب الأعم من العُلماء المُعاصرين عدم بيانها ، وعدم الجهر بتلك الحقائق الأمر الذى وصل لتقديس تلك الكتب ، ورفض أى نقد لما ورد بها من أحاديث ، بل والطعن والتشكيك فى إيمان ودين من يتصدى لتلك الأحاديث بالفكر والنظر فى مدى موافقتها لأصول الدين الحنيف. وذلك على خلاف ما هو معروف ومشهور بين العُلماء من نقدهم لتلك الأحاديث وعدم التحرج من ذلك ، مهما بلغت درجة صحة الحديث ، ودون النظر للكتب التى ورد فيها الحديث حتى وإن أوردهما الشيخان الجليلان البُخارى ومُسلم. وأحسب أنى لم آتِ بجديد فى هذا الأمر غير إجلاء ما خفى وإحياء ما اندثر من فكر ونظر وبحث وتأمل للصحابة والعُلماء والفُقهاء فى الأحاديث النبوية الشريفة.والله من وراء القصد وهو يهدى السبيل