یسود الاعتقاد الشایع عند العامه ان الاسطوره کلمه مرادفه للخرافه, وهذا الکلام صحیح الی حد ما, غیر انه کلام غیر دقیق من الناحیه العلمیه, اذ ان الاسطوره فی الدراسات الحدیثه والمعاصره قد تعنی وتدلل علی معان مختلفه لا تعنی بالضروره انها مرادف للخرافات والاباطیل, فالاسطوره عند المختصین من علماء المیثولوجیا علی سبیل المثال, تعنی حکایه او قصه تلعب فیها الآلهه ادوارًا رییسیه, وبحسب الکتاب ونقلًا عنه, فهو یورد فی معجم لالاند الفلسفی اربعه معانی ومفاهیم للاسطوره, وبعد التعریف, یستعرض مفهوم الاسطوره وکیفیه تناول تعریفها وتحلیلها ومقاربتها من عده تخصصات علمیه مختلفه, فیورد کیفیه تناولها من قبل علماء الانثروبلوجیا, وعلماء النفس ومن ثم اللاهوتیین والمتکلمین.وعلیه فان الانثروبولوجی (برونسلاف مالیونفسکی) یقرر: ان الاسطوره لیست فلسفه او معرفه بداییه کما ان المعارف الرایجه لدی القبایل البداییه لیست معارف انتزاعیه ومجرده عن الحقایق. مثلما ان الاسطوره عند مالیونفسکی لیست نظامًا رمزیًا بل انها تعبیرات عن موضوعاتها الواقعیه, کما ان مالیونفسکی یقول اننا یجب ان نعتبر الاسطوره جزیًا لا یتجزا من الحضاره الانسانیه ولا ینبغی اعتبارها قصصًا خرافیه وواهیه بل علی العکس تمامًا انها قوی فعاله وموثره لتحقیق المقاصد والآمال الاجتماعیه, کما ان الاسطوره لیست حکایه عادیه او محاوله للتفسیر العلمی فی شکله البدایی، ولما کانت الاسطوره ذات صله وثیقه بالمقدس فان (مرسیا الیاد) تفرد عن بقیه الباحثین المعاصرین له فی تاریخ الادیان بانه نفی ان یکون المقدس مرحله من مراحل الوعی, بل انه عنصر من عناصر بنیته, بل ان العالم هو حصیله علمیه جدلیه یطلق علیها اسم عملیه تجلی المقدس وظهوره, فالمسلک الاسطوری عند الیاد بدا من بدایه الزمن ولم ینقطع عن الاستعمال فالانسان المعاصر شانه شان الانسان البدایی یتوسل المسلک الاسطوری لتکریس افکاره وتصوراته, وقد توسع مرسیا الیاد فی مفهوم الاسطوره لیشمل کل ما اضفی علیه سمات التبجیل والتعظیم.یقودنا تحلیل الیاد فی الاسطوره والمقدس فیما یخص توسل الاسطوره فی تکریس وتفسیر الافکار والتصورات وکذلک احد تعریفات لالاند لها, یوقدنا الی الاب الروحی لعلم النفس التحلیلی سیمغموند فروید الذی توسل عده اساطیر ووظفها فی شرح نظریاته فی الجنسانیه, کاسطوره اودیب - والتی عرفت بعد تحلیل فروید بعقده اودیب - , واسطوره نرسیس, والاسطوره الطوطمیه وغیرها... . علی اننا نری وجهه نظر اخری من زمیل فروید – والذی انشق عنه وخالفه لاحقًا – کارل غوستاف یونغ, الذی ابدی موقف الحایر, حیث رای ان کل المحاولات التی بذلت لتفسیر الاسطوره لم تساهم فی فهمها, بل علی العکس زادت فی الابتعاد عن جوهرها وزادت حیرتنا حولها, فلاسطوره حسب یونغ ممتنعه عن الادراک بوصفها متاهه عظمی.بعد ان یکمل المولف تناول علماء الانثروبلوجیا وعلماء النفس وبعض اللاهوتیین للاسطوره, ینتقل للشطر الثانی فی مبحثه, فیعرض بنظره تاریخیه خاطفه کیفیه تناول مفهوم الدین فی الثقافه الغربیه من العصور الوسطی الی ما بعد الحداثه. وهنا انتقی اجمل ما وقعت علیه فی استعراض المولف التاریخی, الذی احسب انه اجمل تصویر ما بعد حداثی للدین, من عالم الاجتماع ماکس فیبر, الذی عدَّ العقلانیه تقتضی الاتجاه التوحیدی فی الدین, وهو ما یراه فیبر فی کل من الیهودیه والاسلام دون المسیحیه. وینقل المولف عن فیبر قوله: "لا احس بالحاجه لهذا الامر [ای الدین] , ولست املک القدره علی بناء قصور روحانیه دینیه فی داخلی, ورغم کل ذلک کلما سبرت اغوار نفسی وجدت انی لست معادیًا للدین, ولا ملحدًا" بعد الحدیث عن الدین فی الثقافه الغربیه ینطلق الکاتب الی مقاربه الدین فی الثقافه الاسلامیه, وهذه المقاربات هی مقاربات الفلاسفه والمتکلمین والمتصوفین الاسلامیین مرورًا الی المقاربات التی تصورها دعاه الاصلاح ابان فتره الصحوه الاسلامیه وصولًا الی القراءات الحدیثه, ویمدنا المولف بثلاثه نماذج هم: محمد ارکون ونصر حامد ابو زید وعبد الکریم سروش. وختامًا ینتقل الکاتب الی الاسطوره فی ومقارباتها وکیفیه تناولها فی السیاق الاسلامی.التعامل مع الدین سلاح ذو حدین: فهو خطر وخلاص فی وقت واحد، لانه کما یملک امکانیه وقابلیه التدمیر الرهیب فهو قادر علی البناء والحیاه ویملک مفتاح السعاده النفسیه والمجتمعیه للانسان. کما لا شک بان الاسطوره لعبت ولا یزال تلعب دوراً مهماً فی صیاغه الفکر واداره الحیاه العملیه للانسان ولها صله قربی بفهم الدین وقضایاه, وذلک من خلال الاجابه علی اسیله . تتعلق بالکون, وما فوق الطبیعه,المجتمع وعالم النفس. من هنا فان دراسه الموضوعین معاً تفتح نافذه علی الحقیقه بمفهومها الفلسفی, الاجتماعی, الدینی والانسانی.
يسود الاعتقاد الشائع عند العامة أن الأسطورة كلمة مرادفة للخرافة, وهذا الكلام صحيح إلى حد ما, غير أنه كلام غير دقيق من الناحية العلمية, إذ أن الأسطورة في الدراسات الحديثة والمعاصرة قد تعني وتدلل على معان مختلفة لا تعني بالضرورة أنها مرادف للخرافات والأباطيل, فالأسطورة عند المختصين من علماء الميثولوجيا على سبيل المثال, تعني حكاية أو قصة تلعب فيها الآلهة أدوارًا رئيسية, وبحسب الكتاب ونقلًا عنه, فهو يورد في معجم لالاند الفلسفي أربعة معاني ومفاهيم للأسطورة, وبعد التعريف, يستعرض مفهوم الأسطورة وكيفية تناول تعريفها وتحليلها ومقاربتها من عدة تخصصات علمية مختلفة, فيورد كيفية تناولها من قبل علماء الأنثروبلوجيا, وعلماء النفس ومن ثم اللاهوتيين والمتكلمين.وعليه فإن الأنثروبولوجي (برونسلاف ماليونفسكي) يقرر: أن الأسطورة ليست فلسفة أو معرفة بدائية كما أن المعارف الرائجة لدى القبائل البدائية ليست معارف انتزاعية ومجردة عن الحقائق. مثلما أن الأسطورة عند ماليونفسكي ليست نظامًا رمزيًا بل إنها تعبيرات عن موضوعاتها الواقعية, كما أن ماليونفسكي يقول أننا يجب أن نعتبر الأسطورة جزئًا لا يتجزأ من الحضارة الإنسانية ولا ينبغي اعتبارها قصصًا خرافية وواهية بل على العكس تمامًا إنها قوى فعالة ومؤثرة لتحقيق المقاصد والآمال الاجتماعية, كما أن الأسطورة ليست حكاية عادية أو محاولة للتفسير العلمي في شكله البدائي، ولما كانت الأسطورة ذات صلة وثيقة بالمقدس فإن (مرسيا إلياد) تفرد عن بقية الباحثين المعاصرين له في تاريخ الأديان بإنه نفى أن يكون المقدس مرحلة من مراحل الوعي, بل إنه عنصر من عناصر بنيته, بل إن العالم هو حصيلة علمية جدلية يطلق عليها اسم عملية تجلي المقدس وظهوره, فالمسلك الأسطوري عند إلياد بدأ من بداية الزمن ولم ينقطع عن الاستعمال فالإنسان المعاصر شأنه شأن الإنسان البدائي يتوسل المسلك الأسطوري لتكريس أفكاره وتصوراته, وقد توسع مرسيا إلياد في مفهوم الأسطورة ليشمل كل ما أضفي عليه سمات التبجيل والتعظيم.يقودنا تحليل إلياد في الأسطورة والمقدس فيما يخص توسل الأسطورة في تكريس وتفسير الأفكار والتصورات وكذلك أحد تعريفات لالاند لها, يوقدنا إلى الأب الروحي لعلم النفس التحليلي سيمغموند فرويد الذي توسل عدة أساطير ووظفها في شرح نظرياته في الجنسانية, كأسطورة أوديب - والتي عرفت بعد تحليل فرويد بعقدة أوديب - , وأسطورة نرسيس, والأسطورة الطوطمية وغيرها... . على أننا نرى وجهة نظر أخرى من زميل فرويد – والذي انشق عنه وخالفه لاحقًا – كارل غوستاف يونغ, الذي أبدى موقف الحائر, حيث رأى أن كل المحاولات التي بذلت لتفسير الأسطورة لم تساهم في فهمها, بل على العكس زادت في الابتعاد عن جوهرها وزادت حيرتنا حولها, فلأسطورة حسب يونغ ممتنعة عن الإدراك بوصفها متاهة عظمى.بعد أن يكمل المؤلف تناول علماء الانثروبلوجيا وعلماء النفس وبعض اللاهوتيين للأسطورة, ينتقل للشطر الثاني في مبحثه, فيعرض بنظرة تاريخية خاطفة كيفية تناول مفهوم الدين في الثقافة الغربية من العصور الوسطى إلى ما بعد الحداثة. وهنا أنتقي أجمل ما وقعت عليه في استعراض المؤلف التاريخي, الذي أحسب أنه أجمل تصوير ما بعد حداثي للدين, من عالم الاجتماع ماكس فيبر, الذي عدَّ العقلانية تقتضي الاتجاه التوحيدي في الدين, وهو ما يراه فيبر في كل من اليهودية والإسلام دون المسيحية. وينقل المؤلف عن فيبر قوله: "لا أحس بالحاجة لهذا الأمر [أي الدين] , ولست أملك القدرة على بناء قصور روحانية دينية في داخلي, ورغم كل ذلك كلما سبرت أغوار نفسي وجدت أني لست معاديًا للدين, ولا ملحدًا" بعد الحديث عن الدين في الثقافة الغربية ينطلق الكاتب إلى مقاربة الدين في الثقافة الإسلامية, وهذه المقاربات هي مقاربات الفلاسفة والمتكلمين والمتصوفين الإسلاميين مرورًا إلى المقاربات التي تصورها دعاة الإصلاح إبان فترة الصحوة الإسلامية وصولًا إلى القراءات الحديثة, ويمدنا المؤلف بثلاثة نماذج هم: محمد أركون ونصر حامد أبو زيد وعبد الكريم سروش. وختامًا ينتقل الكاتب إلى الأسطورة في ومقارباتها وكيفية تناولها في السياق الإسلامي.التعامل مع الدين سلاح ذو حدين: فهو خطر وخلاص في وقت واحد، لانه كما يملك امكانية وقابلية التدمير الرهيب فهو قادر على البناء والحياة ويملك مفتاح السعادة النفسية والمجتمعية للانسان. كما لا شك بأن الاسطورة لعبت ولا يزال تلعب دوراً مهماً في صياغة الفكر وادارة الحياة العملية للانسان ولها صلة قربى بفهم الدين وقضاياه, وذلك من خلال الاجابة على اسئلة . تتعلق بالكون, وما فوق الطبيعة,المجتمع وعالم النفس. من هنا فان دراسة الموضوعين معاً تفتح نافذة على الحقيقة بمفهومها الفلسفي, الاجتماعي, الديني والانساني.