بالقرب من القریه کانت تقطن سیده من صغار الملاک تملک ضیعه تقرب من ثلاثمیه فدان، وقد ظلت علاقاتها بالفلاحین طیبه حتی اتخذت احد الجنود القدماء وکیلا لها فارهق الناس بالغرامات، ومهما اشتد حرص باخوم فان الامر لم یکن یخلو من ان یدخل حصانه حقل الشوفان او تهبط بقرته الی الحدیقه، وکان علیه دایما ان یدفع الغرامه. کان یدفع ولکنه کان یعود الی منزله ساخطاً غاضبا فیخاشن اهله، وقد ظل الصیف الاخیر کله فی اضطراب بسبب ذلک الوکیل ... وتنفس الصعداء حین حل الشتاء وبقیت الماشیه فی حظایرها لا تبارحها، ومع ان ثمن العلف کان یووده حین کان یمتنع علی الماشیه الرعی فی البراری الا انه کان یستریح من القلق بشانها، وسرت الانباء فی الشتاء بان السیده تنوی ان تبیع ارضها، وان صاحب الفندق یساومها فی امرها، فلما سمع الفلاحون ذلک اشتد فزعهم وقالوا : - لین وقعت الارض فی ید هذا لرجل فلسوف یرهقنا اکثر مما یفعل الوکیل، ونحن جمیعا نعتمد علی هذه الضیعه. وحزموا امرهم علی ان یطلبوا من السیده باسم المجلس القروی الا تبیع ارضها لصاحب الفندق، وعرضوا علیها ثمنا اکبر مما عرض فوافقت، وبقی ان یقنعوا المجلس بشرایها علی ان یساهموا فیها تصبح ملکهم جمیعا، واجتمعوا لذلک مرتین ولکنهم لم ینتهوا الی قرار، اذ نزغ الشیطان بینهم فلم تجتمع کلمتهم، فقرروا ان یشتروا الارض آحادا، کل علی قدر استطاعته، ووافقت السیده علی هذا العرض، کما وافقت علی العرض الآخر من قبل . وسمع باخوم ان احد جیرانه شرع فی شراء خمسین فدانا وان السیده رضیت ان تقبض نصف الثمن فی الحال علی ان توجل النصف الثانی الی العام المقبل، فاحس بالغیره وقال لنفسه : " افتح عینیک وانظر! ان الارض ستباع کلها دون ان یکون لها منها نصیب " ثم راح یحدث زوجته : " الناس غیرنا یشترون ویجب ان نشتری نحن عشرین فدانا او نحو ذلک، ان الحیاه اصبحت مستحیله، وهذا الوکیل سیحطم حیاتنا بغراماته ".
بالقرب من القرية كانت تقطن سيدة من صغار الملاك تملك ضيعة تقرب من ثلاثمئة فدان، وقد ظلت علاقاتها بالفلاحين طيبة حتى اتخذت أحد الجنود القدماء وكيلا لها فأرهق الناس بالغرامات، ومهما اشتد حرص باخوم فإن الأمر لم يكن يخلو من أن يدخل حصانة حقل الشوفان أو تهبط بقرته إلى الحديقة، وكان عليه دائما أن يدفع الغرامة. كان يدفع ولكنه كان يعود إلى منزله ساخطاً غاضبا فيخاشن أهله، وقد ظل الصيف الأخير كله في اضطراب بسبب ذلك الوكيل ... وتنفس الصعداء حين حل الشتاء وبقيت الماشية في حظائرها لا تبارحها، ومع أن ثمن العلف كان يؤوده حين كان يمتنع على الماشية الرعي في البراري إلا أنه كان يستريح من القلق بشانها، وسرت الأنباء في الشتاء بأن السيدة تنوي أن تبيع أرضها، وأن صاحب الفندق يساومها في أمرها، فلما سمع الفلاحون ذلك اشتد فزعهم وقالوا : - لئن وقعت الأرض في يد هذا لرجل فلسوف يرهقنا أكثر مما يفعل الوكيل، ونحن جميعا نعتمد على هذه الضيعة. وحزموا أمرهم على أن يطلبوا من السيدة باسم المجلس القروي ألا تبيع أرضها لصاحب الفندق، وعرضوا عليها ثمنا أكبر مما عرض فوافقت، وبقي أن يقنعوا المجلس بشرائها على أن يساهموا فيها تصبح ملكهم جميعا، واجتمعوا لذلك مرتين ولكنهم لم ينتهوا إلى قرار، إذ نزغ الشيطان بينهم فلم تجتمع كلمتهم، فقرروا أن يشتروا الأرض آحادا، كل على قدر استطاعته، ووافقت السيدة على هذا العرض، كما وافقت على العرض الآخر من قبل . وسمع باخوم أن أحد جيرانه شرع في شراء خمسين فدانا وأن السيدة رضيت أن تقبض نصف الثمن في الحال على أن تؤجل النصف الثاني إلى العام المقبل، فأحس بالغيرة وقال لنفسه : " افتح عينيك وانظر! إن الأرض ستباع كلها دون أن يكون لها منها نصيب " ثم راح يحدث زوجته : " الناس غيرنا يشترون ويجب أن نشتري نحن عشرين فدانا أو نحو ذلك، إن الحياة أصبحت مستحيلة، وهذا الوكيل سيحطم حياتنا بغراماته ".