عندما دخلت علیه فی المکتب. وقف یتاملها. دهمته هبه العطر ذاتها، الاناقه الهادیه المنسجمه مع الصوت الرهیف الواثق، لکنها بدت فی فستانها الازرق السادل اطول واکثر نضجًا مما بدت تحت البالطو. «نحیفه، لکنها لیست طفله». سالها ان کانت قد وصلت بسهوله، عن احساسها بالحر، الذی جاء ابکر واعنف من المعتاد. قال مبتسمًا: ـ لم یعد الربیع یاتینا الا رمزًا! بدا مستریحًا وراغبًا فی الحدیث. اخذها من القانون الی الادب، انتظرت لحظه صمت، وسالته: ـ بای قدر یعتمد نجاح المحامی علی المعرفه بالقانون،وبای قدر یعتمد علی ملکاته الشخصیه؟ صمت للحظات، وسالها معابثًا: ـ ما علاقه هذا باطروحتک؟ اجابته: ـ المعرفه لا تضر. ـ معک حق! ثم صمت دون ان یتخلی عن ابتسامته، فشرعت تعبر عن اعجابها بمرافعاته، واخذ یستمع الی حدیثها عن نجاحه کان ما تقوله تحصیل حاصل لا یستدعی الشکر. انتظر حتی انتهت من کلامها، وعقَّب بهدوء. ـ لاننی احب عملی، ربما؟ لم یظفر سوی بصمتها، فعاد یوضح: ـ شغف المرء بما یفعل یجعله یجید عمله. بعد لحظات صمت اخذ یُحدثها عن حبه للمحاماه، دون ان یُشعرها بانه یری مهنته ممیزه علی نحو خاص. - لا توجد مهنه وضیعه واخری جلیله. اخذت تستمع الی استرساله. شعرت بعضلاتها ترتخی بانتشاء لم تحصل علیه تحت یدی ابرع المدلکین. نظر الی الاعجاب فی عینیها بحبور. - الشغف هو الاصل، ومع الوقت تاتی الخبره. وتمدد الصمت بینهما، بینما اخذ یختلس النظرات الیها. احست بالحرج، وسالته: - تبدو شغوفًا بالادب. کانها لمست جرحًا. ارجفته شکه الم، وکاد یبوح لها بحلم الکتابه الذی تبدد فی اروقه المحاکم. لا ینسی اللحظه التی صارح فیها نفسه بعجزه عن مواصله ولعه السری. اخرج کتاباته التی یحتفظ بها علی اوراق متعدده الاحجام والالوان، ورتبها، من الخربشات الاولی الی کتابات المرحله الاخیره التی اسماها «مرحله تبدد الروح» وحملها الی ورشه تجلید. بعد ان عرض علیه الاُسطی العجوز رقاعًا من الجلود المختلفه والاقمشه والکرتون، اختار غلافًا من جلد الغزال. ساله الاُسطی عن العنوان، اجابه بتلقاییه «مومیاء الحلم». دس المجلد فی المکتبه الصغیره بغرفه مکتبه، التی یحتفظ فیها باهم مراجع القانون.
عندما دخلت عليه في المكتب. وقف يتأملها. دهمته هبة العطر ذاتها، الأناقة الهادئة المنسجمة مع الصوت الرهيف الواثق، لكنها بدت في فستانها الأزرق السادل أطول وأكثر نضجًا مما بدت تحت البالطو. «نحيفة، لكنها ليست طفلة». سألها إن كانت قد وصلت بسهولة، عن إحساسها بالحر، الذي جاء أبكر وأعنف من المعتاد. قال مبتسمًا: ـ لم يعد الربيع يأتينا إلا رمزًا! بدا مستريحًا وراغبًا في الحديث. أخذها من القانون إلى الأدب، انتظرت لحظة صمت، وسألته: ـ بأي قدر يعتمد نجاح المحامي على المعرفة بالقانون،وبأي قدر يعتمد على ملكاته الشخصية؟ صمت للحظات، وسألها معابثًا: ـ ما علاقة هذا بأطروحتك؟ أجابته: ـ المعرفة لا تضر. ـ معك حق! ثم صمت دون أن يتخلى عن ابتسامته، فشرعت تعبر عن إعجابها بمرافعاته، وأخذ يستمع إلى حديثها عن نجاحه كأن ما تقوله تحصيل حاصل لا يستدعي الشكر. انتظر حتى انتهت من كلامها، وعقَّب بهدوء. ـ لأنني أحب عملي، ربما؟ لم يظفر سوى بصمتها، فعاد يوضح: ـ شغف المرء بما يفعل يجعله يجيد عمله. بعد لحظات صمت أخذ يُحدثها عن حبه للمحاماة، دون أن يُشعرها بأنه يرى مهنته مميزة على نحو خاص. - لا توجد مهنة وضيعة وأخرى جليلة. أخذت تستمع إلى استرساله. شعرت بعضلاتها ترتخي بانتشاء لم تحصل عليه تحت يدي أبرع المدلكين. نظر إلى الإعجاب في عينيها بحبور. - الشغف هو الأصل، ومع الوقت تأتي الخبرة. وتمدد الصمت بينهما، بينما أخذ يختلس النظرات إليها. أحست بالحرج، وسألته: - تبدو شغوفًا بالأدب. كأنها لمست جرحًا. أرجفته شكة ألم، وكاد يبوح لها بحلم الكتابة الذي تبدد في أروقة المحاكم. لا ينسى اللحظة التي صارح فيها نفسه بعجزه عن مواصلة ولعه السري. أخرج كتاباته التي يحتفظ بها على أوراق متعددة الأحجام والألوان، ورتبها، من الخربشات الأولى إلى كتابات المرحلة الأخيرة التي أسماها «مرحلة تبدد الروح» وحملها إلى ورشة تجليد. بعد أن عرض عليه الأُسطى العجوز رقاعًا من الجلود المختلفة والأقمشة والكرتون، اختار غلافًا من جلد الغزال. سأله الأُسطى عن العنوان، أجابه بتلقائية «مومياء الحلم». دس المجلد في المكتبة الصغيرة بغرفة مكتبه، التي يحتفظ فيها بأهم مراجع القانون.