لم یعش شاکر السیاب طویلا، ولم ینتج من الشعر مقدارا وافرا، ولکنه اصبح ظاهره ابداعیه تعاورتها اقلام النقاد والدارسین، رغبه فی فک مغالیقها علی الرغم من بساطتها الفنیه ولجویها الی المباشره احیانا. ومن یتصفح الکتب التی الفت عن شعر السیاب، وهی نحو من خمسه عشر کتابا، او یقرا عنوانات الدراسات التی کتبت عنه، وهی کثیره متناثره فی الدوریات العربیه، تستوقفه رغبه بعض الدارسین فی المطابقه بین حیاه السیاب وشعره، وکان حیاته انعکست انعکاسا مباشرا فی شعره، او کان شعره مجرد سیره ذاتیه له. ومن ثم یندر ان یقرا احد دراسه عن السیاب دون ان یلاحظ انصرافها کلیا او جزییا الی احساسه بالغربه فی بغداد بعد مغادرته جیکور، والی تضخم صوره المراه لدیه نتیجه فقدانه امه وجدته. ولعل هذا ما شجع بعضا آخر من الدراسین علی تحلیل شعر السیاب انطلاقا من مدرسه التحلیل النفسی، وجریا وراء عقده النقص دون غیرها. ولم یکن کتاب الاستاذ الدکتور عبد الرحمن عبد السلام محمود الذی نمهد له بهذه الاسطر بعیدا عن المطابقه والملاحقه اثر المراه فی شعر السیاب، ولکنه نحا فی تفسیر هذین الامرین منحی آخر استند فیه الی قطبی الموت والمیلاد، وهما علی نحو من الانحاء ثناییه ضدیه من تلک الثناییات البنیویه التی فسر شعر السیاب استنادا الیها مرات عده. وقد سعی الاستاذ الدکتور عبد الرحمن، مولف هذا الکتاب، الی تقدیم تفسیره الخاص لهذه الثناییه، بحیث عدها فلسفه اصیله فی شعر السیاب، قادره علی ان تحرر الدارس من اسار المطابقه بین شعر الشاعر وحیاته وان لم تنکرها، وقادره ایضا علی ان تزجه فی المضامین السیاسیه وان لم یدع صاحبها القدره علی الاحاطه بها. ولم یکن هناک بد من ان تتوالی فصول هذا الکتاب وهی تلاحق المراه والاغتراب والموت، وان تقف بعد عند انعکاسها لغویا فی المفردات والتراکیب والصور الشعریه، ذلک لان مولف هذا الکتاب معجب بالظاهره السیابیه، ساع الی تعلیل اعجابه بوساطه التحلیل النقدی الذی یجمع الاشارات والدلالات والظواهر الفنیه فی بوتقه واحده، هی الموت والمیلاد. وسواء اکانت قراءه الاستاذ الدکتور عبد الرحمن وتحلیلاته دقیقه شامله معلله ام لم تکن، فان هناک قدرا من الاعجاب لا یکاد یفارق القاری طوال قراءته هذا الکتاب. ومسوغ هذا الاعجاب کامن فی قدره المولف علی تقریب الظاهره السیابیه من الافهام، وتقدیم جوانبها الفنیه باسلوب نقدی لا تعوزه المصطلحات، ولا یاسره الاعجاب بالمضامین، ولا تبعده الافکار المسبقه عن التحلیل الفنی الجمالی.
لم يعش شاكر السياب طويلا، ولم ينتج من الشعر مقدارا وافرا، ولكنه أصبح ظاهرة إبداعية تعاورتها أقلام النقاد والدارسين، رغبة في فك مغاليقها على الرغم من بساطتها الفنية ولجوئها إلى المباشرة أحيانا. ومن يتصفح الكتب التي ألفت عن شعر السياب، وهي نحو من خمسة عشر كتابا، أو يقرأ عنوانات الدراسات التي كتبت عنه، وهي كثيرة متناثرة في الدوريات العربية، تستوقفه رغبة بعض الدارسين في المطابقة بين حياة السياب وشعره، وكأن حياته انعكست انعكاسا مباشرا في شعره، أو كأن شعره مجرد سيرة ذاتية له. ومن ثم يندر أن يقرأ أحد دراسة عن السياب دون أن يلاحظ انصرافها كليا أو جزئيا إلى إحساسه بالغربة في بغداد بعد مغادرته جيكور، وإلى تضخم صورة المرأة لديه نتيجة فقدانه أمه وجدته. ولعل هذا ما شجع بعضا آخر من الدراسين على تحليل شعر السياب انطلاقا من مدرسة التحليل النفسي، وجريا وراء عقدة النقص دون غيرها. ولم يكن كتاب الأستاذ الدكتور عبد الرحمن عبد السلام محمود الذي نمهد له بهذه الأسطر بعيدا عن المطابقة والملاحقة أثر المرأة في شعر السياب، ولكنه نحا في تفسير هذين الأمرين منحى آخر استند فيه إلى قطبي الموت والميلاد، وهما على نحو من الأنحاء ثنائية ضدية من تلك الثنائيات البنيوية التي فسر شعر السياب استنادا إليها مرات عدة. وقد سعى الأستاذ الدكتور عبد الرحمن، مؤلف هذا الكتاب، إلى تقديم تفسيره الخاص لهذه الثنائية، بحيث عدها فلسفة أصيلة في شعر السياب، قادرة على أن تحرر الدارس من إسار المطابقة بين شعر الشاعر وحياته وإن لم تنكرها، وقادرة أيضا على أن تزجه في المضامين السياسية وإن لم يدع صاحبها القدرة على الإحاطة بها. ولم يكن هناك بد من أن تتوالى فصول هذا الكتاب وهي تلاحق المرأة والاغتراب والموت، وأن تقف بعد عند انعكاسها لغويا في المفردات والتراكيب والصور الشعرية، ذلك لأن مؤلف هذا الكتاب معجب بالظاهرة السيابية، ساع إلى تعليل إعجابه بوساطة التحليل النقدي الذي يجمع الإشارات والدلالات والظواهر الفنية في بوتقة واحدة، هي الموت والميلاد. وسواء أكانت قراءة الأستاذ الدكتور عبد الرحمن وتحليلاته دقيقة شاملة معللة أم لم تكن، فإن هناك قدرا من الإعجاب لا يكاد يفارق القارئ طوال قراءته هذا الكتاب. ومسوغ هذا الإعجاب كامن في قدرة المؤلف على تقريب الظاهرة السيابية من الأفهام، وتقديم جوانبها الفنية بأسلوب نقدي لا تعوزه المصطلحات، ولا يأسره الإعجاب بالمضامين، ولا تبعده الأفكار المسبقة عن التحليل الفني الجمالي.