کما کنت متوقعاً ؛ لازمتنی الدهشه ورافقنی الانبهار طیله ابحاری فی هذا الکتاب ! لـ کوندیرا لغه خاصه به ، کلماته لا تنبع من قریحته بل من دهالیز عقله ، یدهشنی فیه ان کل کلمه یکتبها کانه یضع تحتها خطین ، ای انها فی غایه الاهمیه .وعلی الرغم من کون هذا الکتاب تقنی بحت - او هکذا یفترض علی الاقل - لکن میلان تجاوز تقنیات الروایه الی ما هو ابعد منها بکثیر ، فناقش ( تاریخ الروایه ) بتوسع ، وتعمق فی ابجدیات نشاتها وتحدث کثیراً عن الافذاذ الذین مروا فی تاریخها ، لذا احسست بعد فراغی من الکتاب ان العنوان لم یکن وصف تفصیلی لما یحویه الکتاب، وکان حریٌ به ان یسمیه ( نظرات فی تاریخ الروایه او نشاتها ) ، .وکما هی العاده ، تابی الفلسفه الا ان تطل براسها مع کل کتابات کوندیرا ، وکمحب للفلسفه استمتعت کثیراً بعبارات المولف والتی یحتاج بعضها الی اعاده القراءه مراراً لادارک مغزاها ، کما ان نظرته لبعض الامور وبعض القضایا کانت متفردهً تماماً ، وکانه یقدم لک فتحاً جدیداً وزاویه اخری لم تنظر منها من قبل ابداً . وحریٌ القول انه بعد هذا الکتاب بدات اشعر ان فن الروایه جزءٌ من نظریه النانو ، وان کتابه الروایه یماثل وضع نظریه مشابهه لنظریات نیوتن !.. او هکذا اراد المولف ان یقول لنا ، او ان یوصله لنا بطریقه غیر مباشره . وحقیقه فقد بالغ کوندیرا فی استعراض مواطن القوه فی بعض الروایات التی لا اشک انها جاءت بالصدفه المحضه ولم یقصد مولفوها ذلک . فبدا مثل الذی یمسک ورقه بیضاء خالیه لیظهر اوجه الحسن فیها : بیضاء ، نقیه ، جمیله ، خالیهً من الکدر ، اطرافها متساویه ، زوایاها متسقه .. وفی النهایه هی مجرد ورقه ! نقطه جدیره بالذکر : الترجمه مدهشه ، والمترجمه ( امل منصور ) عبقریه ، فقد اضافت للکتاب بعداً آخر وافقاً زاخر ابحرتُ فیه طویلاً . لذا عزمت عن البحث عن ترجمات اخری لها .الخلاصه : الکتاب جمیل جداً لغویاً ، عمیق جداً فلسفیاً ، وسط تاملات عمیقه عن تحولات وتاریخ فن الروایه ومفتاح هذا الکتاب ما ذکره کوندیرا فی مقدمه الکتاب بقوله "، عالم النظریات لیس عالمی؛وهذه التاملات هی تاملات حرفی؛یتضمن مبدع کل روایی رویه مضمره لتاریخ الروایه ؛فکره عما هی الروایه ؛وهذه الفکره عن الروایه المحایثه لروایاتی هی التی اجعلنی اتکلم " ویوکد". ان اکتشاف کینونه الانسان وسرّه المنسیّ والمخفی فی آن هو ما یمکن الروایه وحدها دون سواها ان تکشفه، وهو ما یبرّر وجودها. واذا کان فهم الانا المفکر مع دیکارت بصفته اساس کل شیء، والوقوف فی مواجهه الکون وحیداً موقفاً اعتبره هیغل بحق موقفاً بطولیاً، فان فهم العالم مع سرفانتس بصفته شییاً غامضاً یتطلب قوه لا تقل عظمه عن انا دیکارت علی ما یری کوندیرا.کما یناقش ویطرح تصوره استناداً علی خبراته الکتابیه، وعلی اسالیب من عاصره وسبقه، العدید من القضایا والسجالات المتعلقه بسوال الروایه وماهیتها، الاثر الادبی، و کذا تاریخ الروایه عبر عصورها المختلفه " الازمنه الحدیثه وما قبلها «الاربعه قرون من الروایه الاوروبیه»" وما حفها من تغیرات علی مستوی التنوع الشکلی واللغه والاسلوب فی بناء النص السردی، اضافه الی اثر الفکر المارکسی ومدرسه التحلیل النفسی - فروید -فی انتاج وخلق فکر العمل الروایی . مع معاصری سرڤانتس تتساءل الروایه عن ماهیه المغامره؛ مع صمویل ریتشاردسون تشرع فی سبر " ما یحدث فی دواخل الانسان" وفی الکشف عن الحیاه السریه للاحاسیس؛ مع بلزاک، تکتشف تجذر الانسان فی التاریخ؛ مع فلوبیر تکتشف ارض الیومی التی بقیت حتی ذلک الحین مجهوله؛ مع تلستوی، تعکف علی تدخل اللامعقول فی قرارات الانسان وسلوکاته. وتتوجه الروایه ایضا الی سبر الزمن : اللحظه الماضیه المنفلته مع مارسیل پروست؛ واللحظه الحاضره المنفلته مع جیمس جویس. وتتساءل الروایه مع توماس مان عن دور الاساطیر التی، وهی قادمه من اعماق الازمنه، توجه خطواتنا.. الخ.«وحدها العلامه الموسیقیه التی تقول شییاً جوهریاً تملک الحق فی الوجود.» کموسیقی ومولف، تحدث کوندیرا عن اثر التربیه الموسیقیه علی فکره الروایی وکیف یقرا الروایه بذهنیه تراعی المسافه الموسیقیه بین مقطع لفظی وآخر؛ وبشکل عام علی انجاز معمار روایاته. روایات کوندیرا عباره عن تنویعات علی المعمار ذاته القایم علی الرقم سبعه، وذلک، حسب قوله، لا «یتعلق بانجذاب خرافی یشدنی الی رقم سحری، ولا بحساب عقلانی، بل یتعلق بضروره عمیقه، لا شعوریه، غامضه، یتعلق بنموذج اصلی للشکل، لیس بمقدوری الفکاک منه.» وکما هو الشان فی روایاته ، فان هذا التالیف الموسیقی مرکب من اقسام غیر متجانسه بشده علی مستوی القالب الموسیقی . یقول کذلک " اننی احکی کل هذا لابین لک ان شکل روایه ما ، ای "بنیتها الریاضیه" ، لیست امراً محسوباً، بل هی ضروره شعوریه، انها فکره مستبده بی، حتی لقد کنت اظن فی الماضی ان هذا الشکل الذی یستبد بی کان ضرباً من التحدید الحسابی لشخصی ." کما تحدث علی مشاغل اخری تورق فکر الراوی منها: قضایا التاویل، الترجمه، والایحاء اللفظی واثره فی النص.
كما كنت متوقعاً ؛ لازمتني الدهشة ورافقني الانبهار طيلة إبحاري في هذا الكتاب ! لـ كونديرا لغة خاصة به ، كلماته لا تنبع من قريحته بل من دهاليز عقله ، يدهشني فيه أن كل كلمة يكتبها كأنه يضع تحتها خطين ، أي أنها في غاية الأهمية .وعلى الرغم من كون هذا الكتاب تقني بحت - أو هكذا يفترض على الأقل - لكن ميلان تجاوز تقنيات الرواية إلى ما هو أبعد منها بكثير ، فناقش ( تاريخ الرواية ) بتوسع ، وتعمق في أبجديات نشأتها وتحدث كثيراً عن الأفذاذ الذين مروا في تاريخها ، لذا أحسست بعد فراغي من الكتاب أن العنوان لم يكن وصف تفصيلي لما يحويه الكتاب، وكان حريٌ به أن يسميه ( نظرات في تاريخ الرواية أو نشأتها ) ، .وكما هي العادة ، تأبي الفلسفة إلا أن تطل برأسها مع كل كتابات كونديرا ، وكمحب للفلسفة استمتعت كثيراً بعبارات المؤلف والتي يحتاج بعضها إلى إعادة القراءة مراراً لإدارك مغزاها ، كما أن نظرته لبعض الأمور وبعض القضايا كانت متفردةً تماماً ، وكأنه يقدم لك فتحاً جديداً وزاوية أخرى لم تنظر منها من قبل أبداً . وحريٌ القول أنه بعد هذا الكتاب بدأت أشعر أن فن الرواية جزءٌ من نظرية النانو ، وأن كتابة الرواية يماثل وضع نظرية مشابهة لنظريات نيوتن !.. أو هكذا أراد المؤلف أن يقول لنا ، أو أن يوصله لنا بطريقة غير مباشرة . وحقيقة فقد بالغ كونديرا في استعراض مواطن القوة في بعض الروايات التي لا أشك أنها جاءت بالصدفة المحضة ولم يقصد مؤلفوها ذلك . فبدا مثل الذي يمسك ورقة بيضاء خالية ليظهر أوجه الحسن فيها : بيضاء ، نقية ، جميلة ، خاليةً من الكدر ، أطرافها متساوية ، زواياها متسقة .. وفي النهاية هي مجرد ورقة ! نقطة جديرة بالذكر : الترجمة مدهشة ، والمترجمة ( أمل منصور ) عبقرية ، فقد أضافت للكتاب بعداً آخر وأفقاً زاخر أبحرتُ فيه طويلاً . لذا عزمت عن البحث عن ترجمات أخرى لها .الخلاصة : الكتاب جميل جداً لغوياً ، عميق جداً فلسفياً ، وسط تأملات عميقة عن تحولات وتاريخ فن الرواية ومفتاح هذا الكتاب ما ذكرة كونديرا فى مقدمة الكتاب بقولة "، عالم النظريات ليس عالمي؛وهذه التأملات هى تأملات حرفي؛يتضمن مبدع كل روائى رؤية مضمرة لتاريخ الرواية ؛فكرة عما هى الرواية ؛وهذه الفكرة عن الرواية المحايثة لرواياتى هى التى أجعلنى أتكلم " ويؤكد". ان اكتشاف كينونة الإنسان وسرّه المنسيّ والمخفي في آن هو ما يمكن الرواية وحدها دون سواها أن تكشفه، وهو ما يبرّر وجودها. واذا كان فهم الأنا المفكر مع ديكارت بصفته أساس كل شيء، والوقوف في مواجهة الكون وحيداً موقفاً اعتبره هيغل بحق موقفاً بطولياً، فإن فهم العالم مع سرفانتس بصفته شيئاً غامضاً يتطلب قوة لا تقل عظمة عن أنا ديكارت على ما يرى كونديرا.كما يناقش ويطرح تصوره استناداً على خبراته الكتابية، وعلى أساليب من عاصره وسبقه، العديد من القضايا والسجالات المتعلقة بسؤال الرواية وماهيتها، الأثر الأدبي، و كذا تاريخ الرواية عبر عصورها المختلفة " الأزمنة الحديثة وما قبلها «الأربعة قرون من الرواية الأوروبية»" وما حفها من تغيرات على مستوى التنوع الشكلي واللغة والأسلوب في بناء النص السردي، إضافة إلى أثر الفكر الماركسي ومدرسة التحليل النفسي - فرويد -في إنتاج وخلق فكر العمل الروائي . مع معاصري سرڤانتس تتساءل الرواية عن ماهية المغامرة؛ مع صمويل ريتشاردسون تشرع في سبر " ما يحدث في دواخل الإنسان" وفي الكشف عن الحياة السرية للأحاسيس؛ مع بلزاك، تكتشف تجذر الإنسان في التاريخ؛ مع فلوبير تكتشف أرض اليومي التي بقيت حتى ذلك الحين مجهولة؛ مع تلستوي، تعكف على تدخل اللامعقول في قرارات الإنسان وسلوكاته. وتتوجه الرواية أيضا إلى سبر الزمن : اللحظة الماضية المنفلتة مع مارسيل پروست؛ واللحظة الحاضرة المنفلتة مع جيمس جويس. وتتساءل الرواية مع توماس مان عن دور الأساطير التي، وهي قادمة من أعماق الأزمنة، توجه خطواتنا.. إلخ.«وحدها العلامة الموسيقية التي تقول شيئاً جوهرياً تملك الحق في الوجود.» كموسيقي ومؤلف، تحدث كونديرا عن أثر التربية الموسيقية على فكره الروائي وكيف يقرأ الرواية بذهنية تراعي المسافة الموسيقية بين مقطع لفظي وآخر؛ وبشكل عام على إنجاز معمار رواياته. روايات كونديرا عبارة عن تنويعات على المعمار ذاته القائم على الرقم سبعة، وذلك، حسب قوله، لا «يتعلق بانجذاب خرافي يشدني إلى رقم سحري، ولا بحساب عقلاني، بل يتعلق بضرورة عميقة، لا شعورية، غامضة، يتعلق بنموذج أصلي للشكل، ليس بمقدوري الفكاك منه.» وكما هو الشأن في رواياته ، فإن هذا التأليف الموسيقي مركب من أقسام غير متجانسة بشدة على مستوى القالب الموسيقي . يقول كذلك " إنني أحكي كل هذا لأبين لك أن شكل رواية ما ، أي "بنيتها الرياضية" ، ليست أمراً محسوباً، بل هي ضرورة شعورية، إنها فكرة مستبدة بي، حتى لقد كنت أظن في الماضي أن هذا الشكل الذي يستبد بي كان ضرباً من التحديد الحسابي لشخصي ." كما تحدث على مشاغل أخرى تؤرق فكر الراوي منها: قضايا التأويل، الترجمة، والإيحاء اللفظي وأثره في النص.