«بطل» هذا الکتاب انسان قابع فی سردابه یلعن النور ویبارک الظلام، وینکر سعی الانسان نحو عالم افضل ویمجّد استمراره فی حیاته العفنه وعالمه القذر، ویشکّ فی الخیر ویومن بالشر. دوستویفسکی الذی قضی عشر سنوات فی منفاه فی سیبیریا والذی کاد یُعْدَمُ ثم نجا من الموت قبل الموت بلحظات، هذا الکاتب العظیم الذی احبّ الحریه السیاسیه فی شبابه وناضل من اجلها فی فجر حیاته سرعان ما انقلب علی هذه الحریه لا لیکون لها عدواً فحسب بل لیشکک الناس فی امرها ویدعوهم الی الکفر بها والسخریه منها، ویدفعهم الی فردیه جامحه شاذه. وهو فی «سردابه» هذا یعرض آراءه فی الحیاه والموت, والخیر والشر والحرب والسلام، یعرضها عرضاً فنیاً رایعاً، وهو یتکهن فی کتابه بالثوره الروسیه التی بدت طلایعها فی الافق تخبّ خبباً، فَتُخِیْفُ اعداء الحریه فینجحرون فی سرادیبهم، ویخدعون انفسهم فیقولون: انها لیست الا وهماً وباطلاً وقبض الریح، ثم یکبّون علی مناضدهم مذعورین خایفین یکتبون الکتب فی هجایها، ویستبشر بها ابناء الحریه فیبرزون من مناجمهم ثایرین، وینصبون ظهورهم من فوق محاریثهم غاضبین، ویتطلعون الیها فرحین مستبشرین ویقولون: انها الوعد الحق وصدق المرسلون؛ انها قبض التراب ملء الکف ثم یفتحون صدورهم الیها ویُغنّون اناشیدها.
«بطل» هذا الكتاب إنسان قابع في سردابه يلعن النور ويبارك الظلام، وينكر سعي الإنسان نحو عالم أفضل ويمجّد استمراره في حياته العفنة وعالمه القذر، ويشكّ في الخير ويؤمن بالشر. دوستويفسكي الذي قضى عشر سنوات في منفاه في سيبيريا والذي كاد يُعْدَمُ ثم نجا من الموت قبل الموت بلحظات، هذا الكاتب العظيم الذي أحبّ الحرية السياسية في شبابه وناضل من أجلها في فجر حياته سرعان ما انقلب على هذه الحرية لا ليكون لها عدواً فحسب بل ليشكك الناس في أمرها ويدعوهم إلى الكفر بها والسخرية منها، ويدفعهم إلى فردية جامحة شاذة. وهو في «سردابه» هذا يعرض آراءه في الحياة والموت, والخير والشر والحرب والسلام، يعرضها عرضاً فنياً رائعاً، وهو يتكهن في كتابه بالثورة الروسية التي بدت طلائعها في الأفق تخبّ خبباً، فَتُخِيْفُ أعداء الحرية فينجحرون في سراديبهم، ويخدعون أنفسهم فيقولون: إنها ليست إلا وهماً وباطلاً وقبض الريح، ثم يكبّون على مناضدهم مذعورين خائفين يكتبون الكتب في هجائها، ويستبشر بها أبناء الحرية فيبرزون من مناجمهم ثائرين، وينصبون ظهورهم من فوق محاريثهم غاضبين، ويتطلعون إليها فرحين مستبشرين ويقولون: إنها الوعد الحق وصدق المرسلون؛ إنها قبض التراب ملء الكف ثم يفتحون صدورهم إليها ويُغنّون أناشيدها.