بین الخیال والواقع یکتب جیلبرت سینویه عن حیاة ابن سینا من خلال سیرة قصیرة کتبها تلمیذه وتابعه أبو عبید الجوزجانی. حیاته الخاصة والعامة, أسفاره, عمله ومؤلفاته الکثیرة, نبوغه وعبقریته وقدرته الفائقة علی البحث والتألیف والعمل فی أصعب الظروف. ویعرض الأحوال السیاسیة ومعاناة ابن سینا من جحود وظلم وملاحقة أمراء المدن التی استقر فیها أو هرب منها. أما عن بعض أفعال ابن سینا من الناحیة الدینیة- إذا صح ما ذُکر عنه- فلا یقلل من قیمة إبداعاته العلمیة سیظل الشیخ الرئیس صاحب الإسهامات العظیمة – وخاصةً فی الطب - للحضارة الانسانیة. هذا الکتاب کنز . بأحداثة المثیرة المحزنة فی ذات الوقت تجعلک تتعجب من صعوبة تلک العصور خصوصا کفاح العلماء فی التوصل الی استنتاجات ینفردون بتدوینها فی صفحات تاریخ العلم البیضاء. مرحلة التجربة والخطأ والصواب بتفاصیلها تثیر دهشة قارئها خصوصها حین ذُکر ان الاطباء یرکضون جذلا اذا وصلهم خبر وجود احدی المقابر الجماعیة یبحثون فیها عن اشلاء الجثث حتی یتضح لهم المبهم فی مهنتهم لان الاسلام بطبیعة الحال حرم تقطیع وتشریح الجثث. وحین تقرأ عن شخصیة ابن سینا ذاته یذهلک التناقض العظیم وکیف ان حیاته لیست ملکا له.. وفوق کل شیء یذهلک العزم والجد فی مهنته..یذهلک البذل فی العمل الشاق والحکمة اللامحدودة.. احببت ابا علی العالِم واحببته کإنسان ایضا.رغم انی لم اثق تماما بتفاصیل تلک الاحداث التی اعتقد ان بعضها ملفق او من خیال المترجم الاول لتکوین روایة متکاملة الا ان ذلک لم یمنعنی من الاستمتاع بهذا العمل الباهر. ابن سینا واحد من بین قلة من نوابغ العصور السالفة الذین وصلتنا أهم مؤلفاتهم، إضافة إلی صورة واضحة عن حیاتهم الشخصیة، وذلک من خلال الصفحات التی ترکها لنا تلمیذه وتابعه أبو عبید الجوزجانی الذی صاحبه فی حله وترحاله، والذی وصف لنا فی قرابة العشرین صفحة ما تعرض إلیه معلمه من ظلم الملوک وسطوة الأمراء وتعب الجسد فی مرام النفس الکبیرة. ویبدو ابن سینا من خلال “سیرة الجوزجانی” شخصیة مأساویة جاهزة للتنفیذ الروائی، بما تتضمنه من تفاصیل وتقلبات وتشویق ونهایة یتعارض فیها القدر مع الإرادة وفقاً لشروط المأساة الإغریقیة. وقد استغل جیلبرت سینویه هذه السیرة القصیرة لإنجاز عمله الضخم، فأجری نص هذه الروایة علی لسان أبی عبید الجوزجانی، وأورد عدداً من الحواشی ذیلها باسم هذا التابع الوفی الذی رافق ابن سینا طیلة خمسة وعشرین عاماً، وأردفها بحواشی أخری ذیلها بإمضاء “المترجم” وذلک لإحکام الإیهام بنسبة هذا النص إلی تلمیذ ابن سینا وکاتب سیرته المعروف، ولمزید الإقناع (إقناع القارئ) بأن المؤلف (الفرنسی) لیس أکثر من مترجم لسیرة ابن سینا کما کتبها الجوزجانی، وهذا یعنی أیضاً أنه لیس سوی ناقل أمین لنص کتب فی الأصل بالعربیة. ولما کان ذلک من جوهر “لعبة” السرد المتوخاة فی هذا العمل، فقد رأینا أن نحترم قواعد اللعبة أثناء الترجمة، مذیلین حواشینا الخاصة بإمضاء “المعرب”، وکأننا لا نترجم نصاً، بل نعیده إلی لغته الأم. وقد تطلب منا هذا الأمر أن نعود إلی نص رسالة أبی عبید، وأن نرجع إلی مؤلفات ابن سینا نفسه: خاصة کتاب القانون وکتاب الشفاء والأرجوزة الطبیة، وأن نثبت الکثیر من الآیات القرآنیة والأحادیث النبویة والأمثال والأبیات الشعریة، للدنو قدر المستطاع من “نص أصلی”، هو أقرب إلی الحقیقة الافتراضیة منه إلی أی شیء آخر. هکذا یجد القارئ نفسه أمام لعبتین: لعبة الکتابة باعتبارها ترجمة، ثم لعبة الترجمة باعتبارها عودة بالنص إلی أصل ما. کان ذلک أول الأسباب التی أغرتنا بترجمة هذه الروایة. یسند جیلبرت سینویه إلی أبی عبید الجوزجانی دوراً مزدوجاً أو لنقل دورین متعاضدین فی عملیة السرد: دور “الراوی المعلن” المعتمد علی ضمیر المتکلم، الذی یصف الأحداث من زاویة نظرة الشخصیة، ودور “الراوی المستتر” الذی یتقمص دور المؤلف ویدعی “الحیاد” بتقدیم نفسه ضمن سائر الشخصیات المتحرکة داخل دائرة الأحداث المرویة.
بين الخيال والواقع يكتب جيلبرت سينويه عن حياة ابن سينا من خلال سيرة قصيرة كتبها تلميذه وتابعه أبو عبيد الجوزجاني. حياته الخاصة والعامة, أسفاره, عمله ومؤلفاته الكثيرة, نبوغه وعبقريته وقدرته الفائقة على البحث والتأليف والعمل في أصعب الظروف. ويعرض الأحوال السياسية ومعاناة ابن سينا من جحود وظلم وملاحقة أمراء المدن التي استقر فيها أو هرب منها. أما عن بعض أفعال ابن سينا من الناحية الدينية- إذا صح ما ذُكر عنه- فلا يقلل من قيمة إبداعاته العلمية سيظل الشيخ الرئيس صاحب الإسهامات العظيمة – وخاصةً في الطب - للحضارة الانسانية. هذا الكتاب كنز . بأحداثة المثيرة المحزنة في ذات الوقت تجعلك تتعجب من صعوبة تلك العصور خصوصا كفاح العلماء في التوصل الى استنتاجات ينفردون بتدوينها في صفحات تاريخ العلم البيضاء. مرحلة التجربة والخطأ والصواب بتفاصيلها تثير دهشة قارئها خصوصها حين ذُكر ان الاطباء يركضون جذلا اذا وصلهم خبر وجود احدى المقابر الجماعية يبحثون فيها عن اشلاء الجثث حتى يتضح لهم المبهم في مهنتهم لان الاسلام بطبيعة الحال حرم تقطيع وتشريح الجثث. وحين تقرأ عن شخصية ابن سينا ذاته يذهلك التناقض العظيم وكيف ان حياته ليست ملكا له.. وفوق كل شيء يذهلك العزم والجد في مهنته..يذهلك البذل في العمل الشاق والحكمة اللامحدودة.. احببت ابا علي العالِم واحببته كإنسان ايضا.رغم اني لم اثق تماما بتفاصيل تلك الاحداث التي اعتقد ان بعضها ملفق او من خيال المترجم الاول لتكوين رواية متكاملة الا ان ذلك لم يمنعني من الاستمتاع بهذا العمل الباهر. ابن سينا واحد من بين قلة من نوابغ العصور السالفة الذين وصلتنا أهم مؤلفاتهم، إضافة إلى صورة واضحة عن حياتهم الشخصية، وذلك من خلال الصفحات التي تركها لنا تلميذه وتابعه أبو عبيد الجوزجاني الذي صاحبه في حله وترحاله، والذي وصف لنا في قرابة العشرين صفحة ما تعرض إليه معلمه من ظلم الملوك وسطوة الأمراء وتعب الجسد في مرام النفس الكبيرة. ويبدو ابن سينا من خلال “سيرة الجوزجاني” شخصية مأساوية جاهزة للتنفيذ الروائي، بما تتضمنه من تفاصيل وتقلبات وتشويق ونهاية يتعارض فيها القدر مع الإرادة وفقاً لشروط المأساة الإغريقية. وقد استغل جيلبرت سينويه هذه السيرة القصيرة لإنجاز عمله الضخم، فأجرى نص هذه الرواية على لسان أبي عبيد الجوزجاني، وأورد عدداً من الحواشي ذيلها باسم هذا التابع الوفي الذي رافق ابن سينا طيلة خمسة وعشرين عاماً، وأردفها بحواشي أخرى ذيلها بإمضاء “المترجم” وذلك لإحكام الإيهام بنسبة هذا النص إلى تلميذ ابن سينا وكاتب سيرته المعروف، ولمزيد الإقناع (إقناع القارئ) بأن المؤلف (الفرنسي) ليس أكثر من مترجم لسيرة ابن سينا كما كتبها الجوزجاني، وهذا يعني أيضاً أنه ليس سوى ناقل أمين لنص كتب في الأصل بالعربية. ولما كان ذلك من جوهر “لعبة” السرد المتوخاة في هذا العمل، فقد رأينا أن نحترم قواعد اللعبة أثناء الترجمة، مذيلين حواشينا الخاصة بإمضاء “المعرب”، وكأننا لا نترجم نصاً، بل نعيده إلى لغته الأم. وقد تطلب منا هذا الأمر أن نعود إلى نص رسالة أبي عبيد، وأن نرجع إلى مؤلفات ابن سينا نفسه: خاصة كتاب القانون وكتاب الشفاء والأرجوزة الطبية، وأن نثبت الكثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والأمثال والأبيات الشعرية، للدنو قدر المستطاع من “نص أصلي”، هو أقرب إلى الحقيقة الافتراضية منه إلى أي شيء آخر. هكذا يجد القارئ نفسه أمام لعبتين: لعبة الكتابة باعتبارها ترجمة، ثم لعبة الترجمة باعتبارها عودة بالنص إلى أصل ما. كان ذلك أول الأسباب التي أغرتنا بترجمة هذه الرواية. يسند جيلبرت سينويه إلى أبي عبيد الجوزجاني دوراً مزدوجاً أو لنقل دورين متعاضدين في عملية السرد: دور “الراوي المعلن” المعتمد على ضمير المتكلم، الذي يصف الأحداث من زاوية نظرة الشخصية، ودور “الراوي المستتر” الذي يتقمص دور المؤلف ويدعي “الحياد” بتقديم نفسه ضمن سائر الشخصيات المتحركة داخل دائرة الأحداث المروية.