دانلود کتاب های عربی


أنطوانيت - أنطوانیت

نویسنده: name

تعتبر روایة ( أَنطوانیت ) للکاتب الفرنسی " رومان رولان " من أشهر الروایات العالمیة ، فقد استحق الکاتب بعد کتابتها بسبع سنوات الحصول علی جائزة نوبل للآداب فی العام 1915م. إن سرّ روعة الروایة یأتی مما تضمنته من المکونات الحیاتیة والنفسیة الأثیرة لدی رومان رولان : الأسرة الثریة التی یتسبب عائلها فی تحقیق الرفاهیة لأسرته ، زوجه وابنته وابنه ، ثم فجأة یتسبب أیضا فی قهر هذه الأسرة بعد أن یغامر بماله ، فتضیع الثروة نتیجة للدخول فی متاهات الأطماع ، وتضیع حیاته نتیجة للیأس والانتحار فی نهایة الأمر(کان "جنان" صاحب المصرف رجلا ضعیفا کثیر الثقة فی نفسه ، مغرورا إلی حد ما ، وکان یطیب لها أن یخلط متعمدا بین المظهر والواقع .. یبعثر الأموال بغیر تروٍ، فلم یکن یرفض أبدا أن یُقرض أصدقاءه ، ولم یکن من الصعب علی المرء أن یکون من أصدقائه ، حتی الإیصالات لم یکن یهتم دائما بأخذها ، کان مهملا فی احتساب دیونه التی لم یکن قط لیطالب بها إن لم یتقدم الدائنون بردّها بأنفسهم ، وکان یعتمد علی حسن نیة الآخرین کما کان ینتظر من الآخرین أن یعتمدوا علی حسن نیته . .. لکن الأمر تغیر حین وجد نفسه أمام محتال یزمع القیام بمشروع صناعی ضخم ، فخدعه هذا الرجل بما له من علاقات طیبة وبفصاحته ومداهنته ، خاطر بالکثیر ثم بکل ما لدیه ، لیس بما له فحسب ولکن بمال عملائه أیضا ، وکان یرفض أن یخبرهم بذلک لتأکده من الربح ، وکان یرید أن یبهرهم بخدماته! .. وإذ بالمشروع یفشل .. فیدفعه الیأس إلی مضاربات خطیرة جازف فیها بالقلیل الذی تبقی له ، وکانت سببا فی ضیاعه النهائی !) ، فلا تجد الأسرة غیر الهروب من المدینة الصغیرة التی کان یعیش فیها أفرادها منعمین بالمال والجاه والسمعة الطیبة ، وتتجه إلی باریس قلب العالم الصاخب حیث لا رأفة ولا رحمة ، عجلات الحیاة تدور وتدرس من لا یدور معها. وبعد أن تفجع الزوجة فی حجود شقیقتها أقرب الناس إلیها ،عدا عن النکران للجمیل الذی وجدته من الناس ( ..ولکنها قوبلت بنکران الجمیل فی کل مکان .. أما عضو الشیوخ فقد حدّثها حدیثا فیه غلظة مُظهرا أسفه لمرکزها الذی عزاه إلی "جنان" الحقیر وهو یلومه علی انتحاره لوما عنیفا ، ودافعت "السیدة جنان" عن زوجها ، فأردف الشیخ قائلا : إنه یعرف جیدا أن "جنان" لم یتصرف عن قلة شرف ولکن عن غباء ! وأنه کان إنسانا ساذجا وشبیها بخنفس حقیر لا یرید أن ینفذ إلا ما یدور برأسه ، ولو کانت المصیبة حلّت به وحده لکان خیرا وما کان لأحد أن یقول شیئا ، أما أن یُلقی بزوجته وولدیه إلی البؤس یزرعهم فیه فذک أمر لیس لدیه أی مبرر لیغفره له ! .. ثم فتح درج مکتبه وأخرج منه ورقة ذات الخمسین فرنکا ، وقدّمها لها کأنها صدقة فرفضتها !) وبعد أن تُفجع فی الحیاة ذاتها ترحل وهی آسفة علی الابنة الفتاة والابن الصبی غیر مطمئنة علی حیاتهما من بعدها ، فتتحمل الفتاة عبء إعاشة و استکمال دراسة شقیقها ( غمر الیأس لحظاتهم الأولی بشکل لا یوصف .. واقترب الصغیران معا من السریر الذی کان ترقد علیه أمهما ، تحت ضوء مصباح خافت ، وأخذ "أولیفییه" یردد أنه لابد من أن یموتا معا .. وشعرت "أنطوانیت" أیضا بهذه الرغبة التعسة ولکنها قاومتها فقد کانت ترید الحیاة ..لماذا ؟ .. من أجلها ، إنها ما تزال معنا فکرًا ، بعد کل ما قاست من أجلنا یجب أن نوفر علیها ألَمَ رؤیتنا نموت تعساء ! یجب ألا نستسلم هکذا .. إننی أرفض .. إننی أثور أخیرا .. أریدک أن تصبح سعیدا فی یوم من الأیام !أستطیع! ولیس هناک ما یشین فی کسب العیش عن طریق العمل مادام شریفا أرجوک ألا تقلق یا "أولیفییه" .. سارا وحدهما وراء نعش أمهما ، صلیا أمام القبر المفتوح وأمسک کل منهما بید الآخر .. تجلّدا وفضّلا فی إصرار وکبریاء یائسین الوحدة علی وجود أقارب منافقین لا یهتمون بهما .. ).وبعد القصر المنیف فی المدینة الصغیرة ، والشقة المتواضعة فی باریس ، تضطر أنطوانیت - وهو أیضا اسم الروایة إلی الانتقال إلی شقة أکثر تواضعا فوق أحد الأسطح ( شُیدت حیاتهما علی أساس إیمان عمیق قوامه التصوف والتدین والطموح الرفیع ، واتجه الأخوان بکل کیانهما نحو هذا الأهدف الأوحد ، نجاح "أولیفییه" ، قبلت أنطوانیت أن تقوم بأی عمل ، رضیت بالمذلات جمیعا ، اشتغلت مدرسة للأطفال فی بیوت عوملت بها معاملة تشبه معاملة الخدم ، کان علیها أن تحرس تلمیذاتها فی نزهاتهن کأنها خادمة... إن حبها لأخیها وکبریاءها أیضا جعلاها تجد عذوبة فی هذه الآلام النفسیة وفی تلک المتاعب .. کانت تستأنس بالصلاة إلا حینما لا یستطیع القلب أن یقوم بأدائها ، وقد یحدث هذا عندما یجف القلب تحت وطأة الآلام ! حینئذ لا یبقی أمامها إلا أن تنتظر صامتة محمومة خجولة – رحمة الله !) ومع هذا فقد بدأت الحیاة تبتسم لهما، واقترب الابن من نهایة المطاف ودقّ قلب الفتاة ، وفجأة تمرض الفتاة مرضا مزمنا وتبدأ صحتها فی الانحدار ، وتقتحم المخاوف علی شقیقها تعتصرها أکثر مما یعتصرها المرض ، وتفیض روحها وهی توصی الجمیع علی الشقیق الذی لم یبدأ رحلة الاستقرار بعد . فی هذه الروایة الإنسانیة التی تصور صعود وهبوط الإنسان ، یلجأ رومان رولان إلی التحلیل النفسی للشخصیات بدایة من الأب الثری، والأم شدیدة الجمال ،والابنة الذکیة الطیبة ،و الابن الساذج الانعزالی ، وحولهم جمیعا نماذج المجتمع الغریبة والسائدة ، ومن الفجاجة والرذالة والقبح والنذالة ، إلی العطف والکرم والمؤازرة ، وهکذا کل النماذج السیئة والطیبة تجتمع فی مجتمع واحد کبیر یبتلع کل شیء وکل البشر . اشتهر رومان رولان بدراساته الفلسفیة وتحلیله النفسی ، لهذا نراه یملأ روایته بتحلیل شخصیاتها، فقد رکّز علی شخصیة أنطوانیت علی اعتبار أنها البطلة الحقیقیة المحرکة للأحداث ( کانت "أنطوانیت" تضحک دائما .. تضحک حتی وهی نائمة أثناء اللیل ..وکان "أولیفییه" ینام فی الغرفة المجاورة أرقًا یرتعد من القصص التی یقصّها لنفسه وهو یسمع الضحکات الصاخبة والکمات المتقطعة التی کانت تنطق بها فی صمت اللیل ، وفی الخارج کانت الأشجار تکاد تتکسر تحت هبوب الریح بینما البومة تنعق والکلاب تنبح فی القری بعیدا وفی المزارع علی الریح ، وکان "أولیفییه" یری فی ضوء اللیل الخافت ، وأطراف الخمائل وأغصان الصنوبر الثقیلة المعتمة التی تتحرک أمام نافذته کالأشباح، وکان ضحک أنطوانیت یخفف ما یعتریه من خوف . ) . ثم یتناول رومان رولان الابن بکثیر من التحلیل ، علی اعتبار أنه القطب الثانی فی فلک حیاة هذه الأسرة المنکوبة – ثم یتعرض للأب وهو البدایة الطبیعیة لمسیرة تلک الأسرة ، وهو سبب رغدها ونکبتها فی الوقت نفسه نفسه لأنه مظلوم فیما حدث ، فقد خدع وکان هدفه نبیلا ، ودفع ثمن خطئه حیاته ، ولکنه فی الوقت نفسه أضر بأسرته وأساء إلیها ، وأخیرا یتعرض رولان بالتحلیل لتلک المرأة الرائعة الجمال شدیدة الحساسیة التی بکت زوجها وتفرّغت لولدیها وعانت من أجلهما حتی ضعف القلب ولم یعد یتحمل الانفعالات والصدمات والمآسی ، لتُسلم الرایة للابنة التی قامت قدر ما استطاعت بدور الأم لشقیقها ، وکافحت أکثر وعانت أکثر حتی ثقل بهذا الحمل وأثقلها وراحت ضحیة التضحیة .. ومع کل هذه المآسی لا نحس بالسوداویة فی هذه الروایة لأنها تقوم علی أحداث متتابعة بحیث تؤدی المقدمات إلی النتائج ، بلا صدف ولا مفاجآت ولا افتعال ، فکل شیء خاضع للمنطق ، وکل شی محکوم بالظروف ، ولأن رومان رولان محلل دارس أیضا لم نلحظ أی خلل فی بناء الشخصیات الرئیسیة ولا حتی الشخصیات الثانویة العابرة .. ومع أن الأحداث کثیرة فإنها غیر متشعبة وغیر مستفیضة ، بل مرکزة ومحددة ، کما أن الأسلوب یتمیز – رغم کل السواد والحزن – بالإشراق والبریق واللمعان ، فهو أسلوب یعتمد علی الصورة الوصفیة وتکوین مناخ طبیعی یربط بین الطبیعیة والإنسان، والإنسان والأشیاء وکافة الکائنات الحیة من زهور وطیور إلی جانب الشمس والقمر والنجوم والسحب والأمطار .. لقد استطاع رومان رولان فی هذه الروایة أن یضع الحیاة فی کتاب أو أن یجعل من الحیاة کتابا مفتوحا

تعتبر رواية ( أَنطوانيت ) للكاتب الفرنسي " رومان رولان " من أشهر الروايات العالمية ، فقد استحق الكاتب بعد كتابتها بسبع سنوات الحصول على جائزة نوبل للآداب في العام 1915م. إن سرّ روعة الرواية يأتي مما تضمنته من المكونات الحياتية والنفسية الأثيرة لدى رومان رولان : الأسرة الثرية التي يتسبب عائلها في تحقيق الرفاهية لأسرته ، زوجه وابنته وابنه ، ثم فجأة يتسبب أيضا في قهر هذه الأسرة بعد أن يغامر بماله ، فتضيع الثروة نتيجة للدخول في متاهات الأطماع ، وتضيع حياته نتيجة لليأس والانتحار في نهاية الأمر(كان "جنان" صاحب المصرف رجلا ضعيفا كثير الثقة في نفسه ، مغرورا إلى حد ما ، وكان يطيب لها أن يخلط متعمدا بين المظهر والواقع .. يبعثر الأموال بغير تروٍ، فلم يكن يرفض أبدا أن يُقرض أصدقاءه ، ولم يكن من الصعب على المرء أن يكون من أصدقائه ، حتى الإيصالات لم يكن يهتم دائما بأخذها ، كان مهملا في احتساب ديونه التي لم يكن قط ليطالب بها إن لم يتقدم الدائنون بردّها بأنفسهم ، وكان يعتمد على حسن نية الآخرين كما كان ينتظر من الآخرين أن يعتمدوا على حسن نيته . .. لكن الأمر تغير حين وجد نفسه أمام محتال يزمع القيام بمشروع صناعي ضخم ، فخدعه هذا الرجل بما له من علاقات طيبة وبفصاحته ومداهنته ، خاطر بالكثير ثم بكل ما لديه ، ليس بما له فحسب ولكن بمال عملائه أيضا ، وكان يرفض أن يخبرهم بذلك لتأكده من الربح ، وكان يريد أن يبهرهم بخدماته! .. وإذ بالمشروع يفشل .. فيدفعه اليأس إلى مضاربات خطيرة جازف فيها بالقليل الذي تبقى له ، وكانت سببا في ضياعه النهائي !) ، فلا تجد الأسرة غير الهروب من المدينة الصغيرة التي كان يعيش فيها أفرادها منعمين بالمال والجاه والسمعة الطيبة ، وتتجه إلى باريس قلب العالم الصاخب حيث لا رأفة ولا رحمة ، عجلات الحياة تدور وتدرس من لا يدور معها. وبعد أن تفجع الزوجة في حجود شقيقتها أقرب الناس إليها ،عدا عن النكران للجميل الذي وجدته من الناس ( ..ولكنها قوبلت بنكران الجميل في كل مكان .. أما عضو الشيوخ فقد حدّثها حديثا فيه غلظة مُظهرا أسفه لمركزها الذي عزاه إلى "جنان" الحقير وهو يلومه على انتحاره لوما عنيفا ، ودافعت "السيدة جنان" عن زوجها ، فأردف الشيخ قائلا : إنه يعرف جيدا أن "جنان" لم يتصرف عن قلة شرف ولكن عن غباء ! وأنه كان إنسانا ساذجا وشبيها بخنفس حقير لا يريد أن ينفذ إلا ما يدور برأسه ، ولو كانت المصيبة حلّت به وحده لكان خيرا وما كان لأحد أن يقول شيئا ، أما أن يُلقي بزوجته وولديه إلى البؤس يزرعهم فيه فذك أمر ليس لديه أي مبرر ليغفره له ! .. ثم فتح درج مكتبه وأخرج منه ورقة ذات الخمسين فرنكا ، وقدّمها لها كأنها صدقة فرفضتها !) وبعد أن تُفجع في الحياة ذاتها ترحل وهي آسفة على الابنة الفتاة والابن الصبي غير مطمئنة على حياتهما من بعدها ، فتتحمل الفتاة عبء إعاشة و استكمال دراسة شقيقها ( غمر اليأس لحظاتهم الأولى بشكل لا يوصف .. واقترب الصغيران معا من السرير الذي كان ترقد عليه أمهما ، تحت ضوء مصباح خافت ، وأخذ "أوليفييه" يردد أنه لابد من أن يموتا معا .. وشعرت "أنطوانيت" أيضا بهذه الرغبة التعسة ولكنها قاومتها فقد كانت تريد الحياة ..لماذا ؟ .. من أجلها ، إنها ما تزال معنا فكرًا ، بعد كل ما قاست من أجلنا يجب أن نوفر عليها ألَمَ رؤيتنا نموت تعساء ! يجب ألا نستسلم هكذا .. إنني أرفض .. إنني أثور أخيرا .. أريدك أن تصبح سعيدا في يوم من الأيام !أستطيع! وليس هناك ما يشين في كسب العيش عن طريق العمل مادام شريفا أرجوك ألا تقلق يا "أوليفييه" .. سارا وحدهما وراء نعش أمهما ، صليا أمام القبر المفتوح وأمسك كل منهما بيد الآخر .. تجلّدا وفضّلا في إصرار وكبرياء يائسين الوحدة على وجود أقارب منافقين لا يهتمون بهما .. ).وبعد القصر المنيف في المدينة الصغيرة ، والشقة المتواضعة في باريس ، تضطر أنطوانيت - وهو أيضا اسم الرواية إلى الانتقال إلى شقة أكثر تواضعا فوق أحد الأسطح ( شُيدت حياتهما على أساس إيمان عميق قوامه التصوف والتدين والطموح الرفيع ، واتجه الأخوان بكل كيانهما نحو هذا الأهدف الأوحد ، نجاح "أوليفييه" ، قبلت أنطوانيت أن تقوم بأي عمل ، رضيت بالمذلات جميعا ، اشتغلت مدرسة للأطفال في بيوت عوملت بها معاملة تشبه معاملة الخدم ، كان عليها أن تحرس تلميذاتها في نزهاتهن كأنها خادمة... إن حبها لأخيها وكبرياءها أيضا جعلاها تجد عذوبة في هذه الآلام النفسية وفي تلك المتاعب .. كانت تستأنس بالصلاة إلا حينما لا يستطيع القلب أن يقوم بأدائها ، وقد يحدث هذا عندما يجف القلب تحت وطأة الآلام ! حينئذ لا يبقى أمامها إلا أن تنتظر صامتة محمومة خجولة – رحمة الله !) ومع هذا فقد بدأت الحياة تبتسم لهما، واقترب الابن من نهاية المطاف ودقّ قلب الفتاة ، وفجأة تمرض الفتاة مرضا مزمنا وتبدأ صحتها في الانحدار ، وتقتحم المخاوف على شقيقها تعتصرها أكثر مما يعتصرها المرض ، وتفيض روحها وهي توصي الجميع على الشقيق الذي لم يبدأ رحلة الاستقرار بعد . في هذه الرواية الإنسانية التي تصور صعود وهبوط الإنسان ، يلجأ رومان رولان إلى التحليل النفسي للشخصيات بداية من الأب الثري، والأم شديدة الجمال ،والابنة الذكية الطيبة ،و الابن الساذج الانعزالي ، وحولهم جميعا نماذج المجتمع الغريبة والسائدة ، ومن الفجاجة والرذالة والقبح والنذالة ، إلى العطف والكرم والمؤازرة ، وهكذا كل النماذج السيئة والطيبة تجتمع في مجتمع واحد كبير يبتلع كل شيء وكل البشر . اشتهر رومان رولان بدراساته الفلسفية وتحليله النفسي ، لهذا نراه يملأ روايته بتحليل شخصياتها، فقد ركّز على شخصية أنطوانيت على اعتبار أنها البطلة الحقيقية المحركة للأحداث ( كانت "أنطوانيت" تضحك دائما .. تضحك حتى وهي نائمة أثناء الليل ..وكان "أوليفييه" ينام في الغرفة المجاورة أرقًا يرتعد من القصص التي يقصّها لنفسه وهو يسمع الضحكات الصاخبة والكمات المتقطعة التي كانت تنطق بها في صمت الليل ، وفي الخارج كانت الأشجار تكاد تتكسر تحت هبوب الريح بينما البومة تنعق والكلاب تنبح في القرى بعيدا وفي المزارع على الريح ، وكان "أوليفييه" يرى في ضوء الليل الخافت ، وأطراف الخمائل وأغصان الصنوبر الثقيلة المعتمة التي تتحرك أمام نافذته كالأشباح، وكان ضحك أنطوانيت يخفف ما يعتريه من خوف . ) . ثم يتناول رومان رولان الابن بكثير من التحليل ، على اعتبار أنه القطب الثاني في فلك حياة هذه الأسرة المنكوبة – ثم يتعرض للأب وهو البداية الطبيعية لمسيرة تلك الأسرة ، وهو سبب رغدها ونكبتها في الوقت نفسه نفسه لأنه مظلوم فيما حدث ، فقد خدع وكان هدفه نبيلا ، ودفع ثمن خطئه حياته ، ولكنه في الوقت نفسه أضر بأسرته وأساء إليها ، وأخيرا يتعرض رولان بالتحليل لتلك المرأة الرائعة الجمال شديدة الحساسية التي بكت زوجها وتفرّغت لولديها وعانت من أجلهما حتى ضعف القلب ولم يعد يتحمل الانفعالات والصدمات والمآسي ، لتُسلم الراية للابنة التي قامت قدر ما استطاعت بدور الأم لشقيقها ، وكافحت أكثر وعانت أكثر حتى ثقل بهذا الحمل وأثقلها وراحت ضحية التضحية .. ومع كل هذه المآسي لا نحس بالسوداوية في هذه الرواية لأنها تقوم على أحداث متتابعة بحيث تؤدي المقدمات إلى النتائج ، بلا صدف ولا مفاجآت ولا افتعال ، فكل شيء خاضع للمنطق ، وكل شي محكوم بالظروف ، ولأن رومان رولان محلل دارس أيضا لم نلحظ أي خلل في بناء الشخصيات الرئيسية ولا حتى الشخصيات الثانوية العابرة .. ومع أن الأحداث كثيرة فإنها غير متشعبة وغير مستفيضة ، بل مركزة ومحددة ، كما أن الأسلوب يتميز – رغم كل السواد والحزن – بالإشراق والبريق واللمعان ، فهو أسلوب يعتمد على الصورة الوصفية وتكوين مناخ طبيعي يربط بين الطبيعية والإنسان، والإنسان والأشياء وكافة الكائنات الحية من زهور وطيور إلى جانب الشمس والقمر والنجوم والسحب والأمطار .. لقد استطاع رومان رولان في هذه الرواية أن يضع الحياة في كتاب أو أن يجعل من الحياة كتابا مفتوحا



برای سفارش کتاب، کافی است نام و "کد کتاب" را از طریق پیامک یا تلگرام به شماره 09355621039 ارسال نمایید تا در اولین فرصت با شما تماس حاصل شود.
دیگر آثار این نویسنده : name
تبلیغات