تقول إنه من هنا (حتی أنا أخشی أن أصرح) لماذا؟ تخلص عزیز من الأسماء کلها وترک لنا (کاف) فقط، ترک لنا حرفا واحدا وربما ینتمی لکافکا أکثر منا..بطل الروایة المدعو "ک" إنسان وحید، مستوحش بالأحری. وأعتقد بأن قوة الروایة تجیء من هنا؛ لیس ثمة حبیبة یکسر قلبها ولا أبناء یساقون إلی الیُتم من بعده. علاقته بأمه وأخته وأخیه إشکالیة فی کل صورها. علاقته بزملاء العمل، بالأطباء والممرضین، کلها إشکالیة.. إن "ک" لا یستمد قیمته من شبکة علاقات اجتماعیة تهیمن علی حیاته. إنه یستمد قیمته من حقیقة وجوده وحدها، رغم أن الوجود فی ذاته فکرة باعثة علی الأسی.تتحدث الروایة ایضاً عن شراسة، عن فردیته أمام نظام اجتماعی واقتصادی یحاصرک حتی آخر سنتمتر منک. المفارقة أن یکون السرطان هو ساحة المعرکة، أن تعتمد اعتمادًا کلیًا علی النظام؛ علی التأمین الصحی والمستشفی والتقاعد المبکر والأقارب وأصدقاء الکلیة، وفی الوقت نفسه تخوض مواجهات یومیة، فی معارک صغیرة وتافهة، لتأکد فیها حقک بألا تکون جزءًا من المنظومة.. وتفشل دائمًا.کما أن الروایة مروّعة ولکن دونما مبالغة. کل سطر فیها کتب بتلک الروح المتهکمة التی تتفوق علی الفیجعة بالعثور علی استعارات رنانة وطریفة للسخریة من الواقع. روایة مشدودة إلی الواقع بسلکٍ قصیر، تتعمد تجنب المشاهد الملحمیة والعبور السریع أمام المواقف المؤثرة، لکی لا تقع فی "المبالغة".. أو "الابتذال" .حالما أستیقظ، یراودنی شعور بالغثیان.أتنفس بمشة، أفرک عینی، أحدق عبر غشاوة من نعاس.علی المخدة ثمة بقع داکنة،أخمن من طریقة تنفسی أن مصادرها أنفی شاربی الأیسر متیبس بأثر التخثر، والدم لا یزال رطباً داخل التجویف.أجفل متنبهاً، أرفع رأسی، وخلال برهة یعود نبضی للهدوء. من موضوع الشمس فی شباک الغرفة أدرک أنی تأخرت علی کل حال.أنقلب إلی الطرف الآخر من المخدة، وأغمض عینی مجدداً.
تقول إنه من هنا (حتى أنا أخشى أن أصرح) لماذا؟ تخلص عزيز من الأسماء كلها وترك لنا (كاف) فقط، ترك لنا حرفا واحدا وربما ينتمي لكافكا أكثر منا..بطل الرواية المدعو "ك" إنسان وحيد، مستوحش بالأحرى. وأعتقد بأن قوة الرواية تجيء من هنا؛ ليس ثمة حبيبة يكسر قلبها ولا أبناء يساقون إلى اليُتم من بعده. علاقته بأمه وأخته وأخيه إشكالية في كل صورها. علاقته بزملاء العمل، بالأطباء والممرضين، كلها إشكالية.. إن "ك" لا يستمد قيمته من شبكة علاقات اجتماعية تهيمن على حياته. إنه يستمد قيمته من حقيقة وجوده وحدها، رغم أن الوجود في ذاته فكرة باعثة على الأسى.تتحدث الرواية ايضاً عن شراسة، عن فرديته أمام نظام اجتماعي واقتصادي يحاصرك حتى آخر سنتمتر منك. المفارقة أن يكون السرطان هو ساحة المعركة، أن تعتمد اعتمادًا كليًا على النظام؛ على التأمين الصحي والمستشفى والتقاعد المبكر والأقارب وأصدقاء الكلية، وفي الوقت نفسه تخوض مواجهات يومية، في معارك صغيرة وتافهة، لتأكد فيها حقك بألا تكون جزءًا من المنظومة.. وتفشل دائمًا.كما أن الرواية مروّعة ولكن دونما مبالغة. كل سطر فيها كتب بتلك الروح المتهكمة التي تتفوق على الفيجعة بالعثور على استعارات رنانة وطريفة للسخرية من الواقع. رواية مشدودة إلى الواقع بسلكٍ قصير، تتعمد تجنب المشاهد الملحمية والعبور السريع أمام المواقف المؤثرة، لكي لا تقع في "المبالغة".. أو "الابتذال" .حالما أستيقظ، يراودني شعور بالغثيان.أتنفس بمشة، أفرك عيني، أحدق عبر غشاوة من نعاس.على المخدة ثمة بقع داكنة،أخمن من طريقة تنفسي أن مصادرها أنفي شاربي الأيسر متيبس بأثر التخثر، والدم لا يزال رطباً داخل التجويف.أجفل متنبهاً، أرفع رأسي، وخلال برهة يعود نبضي للهدوء. من موضوع الشمس في شباك الغرفة أدرك أني تأخرت على كل حال.أنقلب إلى الطرف الآخر من المخدة، وأغمض عيني مجدداً.