یعد کتاب "من أجل الدین والأمة" دراسة میدانیة جمع من خلالها "د. عبد الکریم بکار" بعض احتیاجات الدین والأمة متضمنة فی طیاتها سلسلة من التأملات فی طبیعة الدین وحالة الراهن، وتأثیر کل منهما فی الآخر، وإذا کان التحدی الحضاری الراهن فی جوهره تحدیاً ثقافیاً أدرکنا أن مجابهة هذا التحدی لن تأتی بطائل ما لم تعمل ضمن إستراتیجیة عمل ثقافی، لذلک کانت هذه الأفکار التی تتألف منها الدراسة تمثل نماذج للوسطیة التی تضع نصب عینیها أن یکون للمسلمین مکان متمیز علی خارطة الثقافات فی عالمنا المعاصر لیس بالالتجاء إلی الغیر ومقاربته بالتقلید والتکدیس، ولکن بالتمیز والأصالة وتعمیق الملامح المؤکدة علی أن المستقبل للمسلمین، إن عادوا إلی إقرأ، وذلک التحدی یوجب علینا إعادة النظر وتحویل الاختراق إلی مواجهة لا تقوم علی الانفعالات أو الاندفاعات أو التهورات الکلامیة للعواطف، ولا علی الخوف، بل تمتزج المواجهة بقیم التفوق وبذل الجهد وحضور الروح. إن الأجیال العربیة والإسلامیة تحتاج الیوم إلی الأسلوب الأفضل لإیصالهم إلی أهدافهم الملموسة دون إهمال للعواقب غیر المتوقعة بالنسبة لهم. السلطة أو الثروة لیست مبتغی الکتاب؛ فالکتاب یرفض المقایضة علی الإنسان بهما، بل یضع حداً للسخط وقلق البال من الخوف والاضطراب التشاؤم ویصر علی التشبث بما نملک وترقیة الفکر والسلوک بالفلاح، ووضع الأقدام علی الطریق الصحیح فالنهایة المشرقة لا تکون إلا ببدایة موفقة ونحن نملک محفزات النهوض وما ینقصنا هو الإرادة التی تنقل الفکرة من حیز التصور إلی مواقع التنفیذ.