یحکم التقلید قدراً غیر یسیر من حیاة الناس والمجتمعات ونری الناس فی الجماعات والمجتمعات الحدیثة والقدیمة علی حد سواء یحتفلون بالتقالید ویجلونها وینسجون من حولها هالة تعلو بها فتتسامی فوق الجماعة حتی لیحسب المرء أنها هی التی شکلت الجماعة وصاغتها. لکن الواقع یثبت أن التقالید تنشأ عن مصادفات أو ظروف أو أحوال عارضة ثم یجد من یهتم به ویرعی مساره لغایة أو لأخری حتی یصبح قیمة اجتماعیة مرعیة فی حد ذاته. فکیف تنشأ هذه التقالید المخترعة وتتطور؟ ولماذا؟ وکیف یتعامل معها أفراد الجماعة المعنیة؟ وکیف تأخذ أدوارها فی صیاغة الهویة الجمعیة وتشکیلها؟ ثم کیف تأتی مصالح أو أهواء بعض من مکونات تلک الجماعة فترعاها وتأخذ بیدها وتیسر لها السبل حتی تبلغ تلک المکانة وتقوم بذلک الدور؟! هذا ما یتناوله کتاب "اختراع التقالید" من خلال جملة دراسات لتقالید مخترعة اختراعاً ثم عمّت وترسخت حتی صارت من المکونات المرموقة فی شخصیة الجماعة کأنها جزء مکون فیها منذ غابر الزمان رغم حداثة عهدها بها. ویوضح الکتاب أهمیة کبری لدراسة التقالید من قبل المؤرخین؛ لأنها مؤشرات لمشاکل قد لا یتم تشخیصها من غیر ذلک، ولتطورات یصعب تحدید هویتها وتاریخها؛ ولأنها تلقی إضاءة مهمة علی العلاقات الإنسانیة مع الماضی أی علی موضوع عمل المؤرخ نفسه وعلی صنعته أیضاً. ویقدم الکتاب لمحة عن اختراع التقالید فی المرتفعات الاسکتلندیة وتقالید الماضی الویلزی فی العصر الرومانسی، إضافة إلی تقالید الهند الفیکتوریة فی إفریقیا والإنتاج الواسع للتقالید فی أوروبا.