الموسوعة العربیة العالمیة " المجلد الثانی والعشرون " ، إن اللغة هی وعاء الفکر وسفیر العقل ، ووجه الحضارة والحضارات لا تفنی لانقطاع التسلسل العرقی لصانعیها ، ولکنها تموت بموت اللغة الحاملة لها . إن عملیة موت اللغات أو اندثارها وتواریها أمر مدون معروف ولکن بدء اللغات ونشأتها لغز لم یُحل بعد ، فالتاریخ المکتوب أو المنقوش الذی بین أیدینا یکف نفسه عن تقدیم معلومات عن زمن وکیفیة بدء اللغة أو اللغات ومراحل نشأتها . ومن الحلقات المفقودة من ذاکرة التاریخ أی ذکر لطفولة لغة فضلاً عن مخاض ولادتها . وتبدو الدهشة من غیاب ذلک أشد فی حالة اللغة العربیة إذ إن اکتمال هذه اللغة وسموها قد سبق أی أثر یؤرخ لها ، وکل ما یقال عن کیفیة نشأة اللغات لا یعدو کونه حدساً یدخل فی باب الظن والتخمین ولا یسلک فی باب العلم والیقین ، وقد بلغ الیأس من الوقوف علی معرفة ذلک ببعض علماء اللغویات فی الغرب أن طرحوا المحاولة فی هذا الأمر وأخرجوه من دائرة البحث والإهتمام .