کانت الحضارات تتمازج وتتلاحم فترقی وتزدهر أو تنعزل ، وتتقوقع فیصیبها التکلس والاضمحلال ولم یکن الأوربیون دائماً هم المتقدمون المانحون ، بل کانوا طرفاً من معادلة یتبادل طرفاها الأخذ والعطاء ، وإذا کان لهم فضل فی تقدمهم الآن ، فإن فضل مصر القدیمة علیهم وفضل العرب عامة لا ینکره إلا متعصب یرفض ما حدث بین الحضارات منذ فجر الحضارة وبدء وعی الإنسان ، ونحن فی هذا الکتاب وبعیداً عن الأسلوب السجالی ، نقدم دلیلاً علی تمازج الحضارت وتلاقحها ونبرهن دون خطابیة وبشکل غیر مباشر علی وحدة الإنسان ، بعیداً عن العنصریة والتعصب ونرید أن نشیر إلی أنه رغم کل الخلافات السیاسیة والحروب ، فقد کان العلم إنسانیاً والفلسفة والفکر عالمیین رغم خصوصیة الطرح فی کل عصر وفی کل مکان .