ولأنی حمقری (مزیج من الحمار والعبقری) فقد کنت أظن أن کل رجل ضاحک رجل هلّاس.. ولأنی حمقری کنت أرفع شعارًا حمقریًّا «أنا أضحک إذن أنا سعید»، وبعد فترة طویلة من الزمان اکتشفت أن العکس هو الصحیح، واکتشفت أن کل رجل ضاحک رجل بائس، وأنه مقابل کل ضحکة تقرقع علی لسانه تقرقع مأساة داخل أحشائه، وأنه مقابل کل ضحکة ترتسم علی شفتیه تنحدر دمعة داخل قلبه.. ولکن هناک حزن هلفوت، وهناک أیضًا حزن مقدس.. وصاحب الحزن الهلفوت یحمله علی رأسه ویدور به علی الناس.. التقطیبة علی الجبین، والرعشة فی أرنبة الأنف، والدمعة علی الخدین.. یالاللی! وهو یدور بها علی خلق الله یبیع لهم أحزانه، وهو بعد فترة یکون قد باع رصیده من الأحزان وتخفف، ویفارقه الحزن وتبقی آثاره علی الوجه، اکسسوارًا یرتدیه الحزین الهلفوت ویسترزق..لکن الحزن المقدس حزن عظیم، والحزن العظیم نتیجة هموم عظیمة، والهموم العظیمة لا تسکن إلا نفوسًا أعظم.. والنفوس الأعظم تغلق نفسها علی همها وتمضی.. وهی تظل إلی آخر لحظة فی الحیاة تأکل الحزن والحزن یأکل منها، ویمضی الإنسان صاحب الحزن العظیم - ککل شیء فی الحیاة - یأکل ویؤکل، ولکن مثله لا یذاع له سر، وقد یمضی بسره إلی قبره! ولذلک یقال: ما أسهل أن تبکی وما أصعب أن تضحک.ولکن هناک أیضًا ضحک مقدس، وهناک ضحک هلفوت.. الضاحک إذا کان حزینًا فی الأعماق صار عبقریًّا، وإذا کان مجدبًا من الداخل أصبح بلیاتشو یستحق اللطم علی قفاه! ونحن أکثر الشعوب حظًّا فی إنتاج المضحکین.. مصر العظیمة کان لها فی کل جیل عشرات من المضحکین، ولقد استطاع بعضهم أن یخلد ولمع بعضهم حینًا ثم فرقع کبالونة منتفخة بالهواء، بعضهم أصیل وبعضهم فالصو، بعضهم مثل الذهب البندقی وبعضهم مثل الذهب القشرة
ولأني حمقري (مزيج من الحمار والعبقري) فقد كنت أظن أن كل رجل ضاحك رجل هلّاس.. ولأني حمقري كنت أرفع شعارًا حمقريًّا «أنا أضحك إذن أنا سعيد»، وبعد فترة طويلة من الزمان اكتشفت أن العكس هو الصحيح، واكتشفت أن كل رجل ضاحك رجل بائس، وأنه مقابل كل ضحكة تقرقع على لسانه تقرقع مأساة داخل أحشائه، وأنه مقابل كل ضحكة ترتسم على شفتيه تنحدر دمعة داخل قلبه.. ولكن هناك حزن هلفوت، وهناك أيضًا حزن مقدس.. وصاحب الحزن الهلفوت يحمله على رأسه ويدور به على الناس.. التقطيبة على الجبين، والرعشة في أرنبة الأنف، والدمعة على الخدين.. يالاللي! وهو يدور بها على خلق الله يبيع لهم أحزانه، وهو بعد فترة يكون قد باع رصيده من الأحزان وتخفف، ويفارقه الحزن وتبقى آثاره على الوجه، اكسسوارًا يرتديه الحزين الهلفوت ويسترزق..لكن الحزن المقدس حزن عظيم، والحزن العظيم نتيجة هموم عظيمة، والهموم العظيمة لا تسكن إلا نفوسًا أعظم.. والنفوس الأعظم تغلق نفسها على همها وتمضي.. وهي تظل إلى آخر لحظة في الحياة تأكل الحزن والحزن يأكل منها، ويمضي الإنسان صاحب الحزن العظيم - ككل شيء في الحياة - يأكل ويؤكل، ولكن مثله لا يذاع له سر، وقد يمضي بسره إلى قبره! ولذلك يقال: ما أسهل أن تبكي وما أصعب أن تضحك.ولكن هناك أيضًا ضحك مقدس، وهناك ضحك هلفوت.. الضاحك إذا كان حزينًا في الأعماق صار عبقريًّا، وإذا كان مجدبًا من الداخل أصبح بلياتشو يستحق اللطم على قفاه! ونحن أكثر الشعوب حظًّا في إنتاج المضحكين.. مصر العظيمة كان لها في كل جيل عشرات من المضحكين، ولقد استطاع بعضهم أن يخلد ولمع بعضهم حينًا ثم فرقع كبالونة منتفخة بالهواء، بعضهم أصيل وبعضهم فالصو، بعضهم مثل الذهب البندقي وبعضهم مثل الذهب القشرة